sad children Pixabay

وعود فارغة وأطفال ميتون

لندن- في قائمة أهداف التنمية المستدامة  ال 916- التي اعتمدتها الأمم المتحدة في سبتمبر الماضي وسط ضجة من الأحداث الجذابة، وبموافقة المشاهير، وبدعم زعماء العالم والجهات المانحة والمنظمات غير الحكومية - أٌدرج تعهد حيوي للقضاء على "موت الأطفال الذي يمكن تجنبه" بحلول عام 2030. هذه قضية جيلنا - ومن القضايا التي ستتطلب أكثر من مجرد بلاغات الأمم المتحدة للمضي قدما.

لقد أحرزت آخر مجموعة من الأهداف الإنمائية الدولية والأهداف الإنمائية للألفية تقدما هاما، حيث انخفض عدد الأطفال الذين لقوا حتفهم قبل سن الخامسة من عشرة ملايين في عام 2000 إلى 5.9 مليون في عام 2015 عندما تم اعتماد الأهداف الإنمائية للألفية. كما سجلت بعض أفقر البلدان في العالم مكاسب مهمة للغاية.

وتم إحراز هذا التقدم بفضل عدة عوامل، بما في ذلك انخفاض الفقر واستثمارات ضخمة في النظم الصحية القائمة على المجتمع المحلي. وبفضل الممرضات والقابلات المولدات، وغيرهم من العاملين الصحيين، عززت هذه الأنظمة الرعاية الطبية قبل الولادة، التدخلات التوليدية البسيطة، قطع الحبل النظيف، والرعاية ما بعد الولادة. ونشرت إثيوبيا، على سبيل المثال، جيشا صغيرا يتكون من 38.000 عامل في مجال الصحة على مدى العقد الماضي.

وكان التعاون الدولي حاسما بدوره. كما زاد حجم المساعدة المالية من أجل رعاية صحة الأطفال والأمهات بشكل كبير منذ عام 2000، والذي يبلغ حاليا نحو 12 مليار دولار سنويا. وقد مكنت المساعدة الإنمائية إنشاء البرامج الصحية المجتمعية، ولعبت دورا رئيسيا في دعم وتطوير ونشر اللقاحات والشبكات الواقية من البعوض والعلاجات الطبية التي خفضت وفيات الأطفال من القاتل الرئيسي أي  الأمراض المعدية، الالتهاب الرئوي، الإسهال، الملاريا والحصبة - بنسبة 70٪ منذ عام 2000.

لكن هناك أيضا أخبار سيئة. فقبل أن تنتهي من قراءة هذا المقال، سوف يموت أكثر من 30 طفلا من الأمراض التي كان من الممكن الوقاية منها أو علاجها.

وفي كل عام، يموت أكثر من مليون طفل يوم ولادتهم، ومليون آخر يموتون في غضون الأسبوع الأول من حياتهم. وما يقرب من نصف كل وفيات الأطفال تحدث في فترة حديثي الولادة (أول 28 يوما) - وهذه النسبة في ارتفاع مستمر. ومن الممكن تجنب الغالبية العظمى من هذه الوفيات. لكن حتى مع استمرار التقدم بمعدله الحالي، ستبقى حوالي 3.6 مليون حالة وفاة من هذا القبيل سنويا بحلول عام 2030.

BLACK FRIDAY SALE: Subscribe for as little as $34.99
BF2024-Onsite-1333x1000

BLACK FRIDAY SALE: Subscribe for as little as $34.99

Subscribe now to gain access to insights and analyses from the world’s leading thinkers – starting at just $34.99 for your first year.

Subscribe Now

من أجل التقدم إلى الأمام من جديد، يجب علينا تطوير الرعاية الصحية وغيرها من التدخلات التي تعالج الفقر والضعف وعدم المساواة الذي من شأنه أن يعرض الكثير من الأطفال وأمهاتهم للخطر. ينبغي جعل الخدمات الصحية على نطاق أوسع بمثابة  نقطة مهمة للانطلاق. لكن، في كثير من الأحيان، يتم استبعاد الفقراء، حتى عند وجود العيادات.

أنظر مثلا للهند التي تمثل خٌمٌس وفيات الأطفال في جميع أنحاء العالم. تتمتع تقريبا  20٪ من النساء المنتمية إلى الأسر الغنية بالرعاية قبل الولادة والرعاية المتقدمة عند الولادة. أما معدلات التغطية للفقراء فهي أقل من 10٪ - أسوأ مما هو عليه الحال في الكثير من دول إفريقيا جنوب الصحراء. كما أن ارتفاع النمو الاقتصادي لم يفعل شيئا للحد من هذا التفاوت.

إن الهند هي مجرد مثال واحد. في كل عام، تلد نحو 36 مليون امرأة في البلدان ذات الدخل المنخفض والمتوسط دون مساعدة مولدة ماهرة. كما لا يحصل عدد أكبر من الأطفال على الفحص الطبي بعد الولادة. وللغالبية العظمى من هؤلاء النساء والأطفال شيء واحد مشترك: الفقر. في الواقع، كونهم ولدوا من أم ذات دخل منخفض يزيد من مخاطر وفيات الأطفال بمعامل 2-3 في الكثير من بلدان جنوب آسيا وإفريقيا جنوب الصحراء.

إن تبعات الفروق القائمة على الثروة في النتائج الصحية تمتد إلى ما هو أبعد من الحمل والولادة. فالأطفال الذين يولدون من أمهات فقيرة هم أقل عرضة للتحصين أو ولوج  العيادات من أجل علاج الأمراض القاتلة، مثل الالتهاب الرئوي والإسهال.

كما تشير دلائل الدراسات إلى أن التكلفة تشكل عائقا رئيسيا يحول دون الرعاية الصحية للنساء والأطفال. إن إجبار النساء الفقيرات اليائسات على دفع تكاليف الرعاية الصحية للأم والطفل هي وصفة لعدم المساواة وعدم الكفاءة وموت الطفل. إن تدخل القطاع العام كمٌمَول للتغطية الصحية الشاملة هو الحل الذي أثبت جدواه. غير أن النخب السياسية في البلدان ذات الوفيات المرتفعة مثل الهند وباكستان ونيجيريا - هي نفس النخب التي سجلت التزامها بتحقيق الأهداف الإنمائية المستدامة - لكنها فشلت في إنجاز هذا المطلب بشكل واضح.

وإذا كانت الحكومات صادقة في الوفاء بوعد الأهداف الإنمائية المستدامة "عن وفيات الأطفال، فيجب أن تكون جدية بخصوص ضمان المساواة في الرعاية الصحية. ويمكنها البدء بتقديم أهداف وطنية لخفض الفرق في معدلات الوفيات بين أغنى 20٪ وأفقر 20٪ على مدى السنوات السبع المقبلة.

لكن الأهداف التي لا يدعمها التمويل لا تساوي الورق الذي تطبع عليها. ينبغي أن تنفق حكومات البلدان النامية 5٪ على الأقل من الناتج المحلي الإجمالي على الصحة، وإلغاء الرسوم المفروضة على الرعاية الصحية للأمهات و الأطفال، والتأكد من تخصيص الموارد المالية الضرورية والعاملين في مجال الصحة بطريقة تقلل من التفاوت في الرعاية.

كما تلعب المساعدات الخارجية دورا حيويا. وهنا، يجب الانتقال من التركيز على تنفيذ التدخلات الخاصة بأمراض محددة إلى التركيز على بناء نظم الرعاية الصحية. فنحن بحاجة إلى ميثاق اجتماعي عالمي في مجال الصحة لسد الفجوة التمويلية - حوالي 30 مليار دولار - لتحقيق التغطية الصحية الشاملة، الأمر الذي يتطلب ربط السكان بالعاملين الصحيين المهرة والمجهزين لتقديم رعاية فعالة. ستحتاج أفريقيا جنوب الصحراء وحدها تجنيد وتدريب مليون عامل صحة آخر لتقديم التغطية الصحية الشاملة للمجتمع.

وعلى أي إستراتيجية لتحقيق هدف عام 2030 لخفض معدل وفيات الأطفال تجاوز القطاع الصحي والتركيز على عدم المساواة على نطاق أوسع - على سبيل المثال، التغذية، التعليم، والحصول على المياه النظيفة والصحة العامة - الذي يشعل معدل وفيات الأطفال. و تحتاج الفتيات إلى حماية إضافية، بحيث لا يضطررن إلى الزواج والإنجاب المبكر.

كما يواجه الأطفال في جميع أنحاء العالم مزيجا قاتلا من عدم المساواة والظلم والتمييز بين الجنسين. فهم يستحقون الأفضل. إن الوعد للحد من وفيات الأطفال التي يمكن تجنبها بحلول عام 2030 هو فرصتنا لضمان حصولهم على الرعاية الكاملة.

https://prosyn.org/40AWM7Dar