نيويورك- عندما ضرب الإعصار الحلزوني إيداي الموزمبيق، ومالاوي، وزيمبابوي، ومدغشقر الشهر الماضي، قَتل ما يناهز ألف شخص، وشَرَّد ما يناهز مئات آلاف آخرين وجوعهم وجعلهم عرضة للإصابة بالأمراض. ووفقا للتقديرات، يرجح أن الإعصار دمر ما قيمته أكثر من مليار دولار من البنية التحتية.
وأصبحت مثل هذه الأعاصير مألوفة وميؤوس منها. لقد كان أيدار آخر إعصار من سلسلة الظواهر الجوية البالغة الشدة، مما يبين لنا أن الآثار المدمرة لتغير المناخ لا تكمن في المستقبل البعيد، بل في حاضرنا. والأسوأ من هذا أن أفقر سكان العالم وأكثرهم هشاشة هم الأكثر تضررا منها. وستضطر الموزمبيق – البلد الأكثر تضررا من إيداي- إلى إعادة البناء وأيديها مكتفة إلى الوراء، لأنها لازالت تتفاوض من أجل إعادة بناء ديونها غير المستدامة.
وللتصدي لهذه التحديات، اعتمد المجتمع الدولي برنامج 2030 للتنمية المستدامة، التي كانت خطوة نحو الرفاهية والاستدامة المشتركتين. لكن أهداف التنمية المستدامة لن تحقق ما لم نصلح أنظمتنا المالية وفقا لخطة عمل أديس أبابا التي وضعتها الأمم المتحدة. إننا نحتاج إلى هندسة مالية عالمية ستمكننا من تمويل المشاريع الضرورية (بما في ذلك تلك المتعلقة بالبنية التحتية)، والاستجابة السريعة للصدمات، ووضع الدولة التي تعاني من صعوبات في ظروف مالية مناسبة.
ولقد حصل تحسن نسبي. إذ لاحظ تقييم جديد للتمويل العالمي للتنمية المستدامة، الذي أنجزته الأمم المتحدة بتعاون مع صندوق النقد الدولي، والبنك الدولي، ومنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، أن اهتمام القطاع الخاص بالتمويل المستدام يتزايد، فضلا عن تزايد إدراج أهداف التنمية المستدامة في الميزانيات العامة وجهود التعاون من أجل التنمية.
لكن هذه التغيرات لا تحدث بوتيرة سريعة بما يكفي، ولا تحدث على النطاق المطلوب. مثلا، في النصف الأول من عام 2018، بلغ مجموع استثمارات القطاع الخاص في البنية التحتية للدول النامية 43 مليار دولار، أي أقل مقارنة مع نفس الفترة من عام 2012. ومن أجل تحقيق هدف توفير التعليم الابتدائي العالمي مع حلول عام 2030، يجب إنفاق أكثر من ضعف ما ينفق على التعليم سنويا في أفقر دول العالم.
وفي نفس الوقت، ينبغي التصدي للمخاطر المنهجية الخفية من أجل تفادي الأزمات في المستقبل. وهنا، لا يوحي المستقبل بالتفاؤل. إذ، عرف النمو الاقتصادي ارتفاعا بنسبة 3%، وهي قيمة أبعد مما يقتضيه القضاء على الفقر في العديد من الدول. وفي عام 2017، ارتفعت الأجور (بعد ضبط التضخم) بنسبة 1.8 فقط، وهي أقل نسبة في عشر سنوات. ويعيش معظم سكان العالم اليوم في بلدان تعرف مستويات مرتفعة من اللامساواة في الأجور. ومع أن العولمة عززت الرفاهية إلى حد كبير، ومكنت من تحقيق تقدم كبير في مكافحة الفقر، لم توزع المكاسب بتساو. إذ أقصيت العديد من الأسر والمجتمعات والدول من الرفاهية المتزايدة.
Access every new PS commentary, our entire On Point suite of subscriber-exclusive content – including Longer Reads, Insider Interviews, Big Picture/Big Question, and Say More – and the full PS archive.
Subscribe Now
ونظرا لهذه الظروف، ليس مفاجئا أن تتراجع الثقة في تعددية الأطراف في العديد من أنحاء العالم. ومع أن النظام المتعدد الأطراف يواجه أزمة الشرعية، فهو يحظى أيضا بفرصة. ويجعلنا التغير السريع- في سياسات الحكومة، والمناخ- أن نركز أكثر على التحديات المتمثلة في الترتيبات الحالية في المالية العالمية، والتجارة، والديون، والضريبة التجارية وفي مجالات أخرى. ولأننا نلقي نظرة من جديد على هذه الترتيبات، يمكننا توجيه هذه الترتيبات صوب تحقيق هدف التنمية المستدامة.
مثلا، ركزت الحاجة الملحة للاستثمارات الطويلة الأمد من أجل التصدي لتغير المناخ على التوجيه القصير الأمد للأسواق الرأسمالية، وأنقص من أهمية مواءمة المحفزات التي تتحكم في سلوك الفاعلين في النظام المالي. ويمثل خضوع أكثر من 588 مليار دولار من البضائع للقيود التجارية مع حلول منتصف أكتوبر 2018- وهو ارتفاع بنسبة سبعة أضعاف مقارنة مع العام الماضي، أزمة النظام التجاري المتعدد الأطراف، لكنها تمثل أيضا فرصة للنهوض بسياسة أكثر عدلا لمواجهة العولمة.
وعلى غرار الموزمبيق، هناك الآن على الأقل 30 دولة نامية وضعيفة الدخل تواجه خطر أزمة الديون. لكن زيادة مخاطر الديون السيادية، التي تتزامن مع تغيير هندسة الدائن، أوعى المجتمع الدولي بالثغرات في الهندسة الحالية لاستدامة الديون السيادية.
وختاما، كانت الرقمنة السبب وراء احتدام النقاش بشأن تصميم النظام الضريبي الدولي وتأثيره على اللامساواة. وبين تركيز السوق المتزايد، خاصة في قطاع الاقتصاد الرقمي، ضرورة معالجة الانعكاسات التوزيعية للتكنولوجيا الجديدة- داخل الدول وبينها.
إن السياسات القومية للزيادة من الضرائب، وجذب الاستثمارات، ومواءمة الأنظمة المالية المحلية مع أهداف التنمية المستدامة، ضرورية لتوجيه التغيير الذي نحتاجه. لكن لا يمكن أن تحل الدول التي تشتغل لوحدها مشاكل العالم الأكثر إلحاحا. وبدل التخلي عن تعددية الأطراف ، ينبغي على المجتمع الدولي تعزيز العمل الجماعي. وفقط عن طريق العمل الجماعي يمكننا تحقيق إنجازات كبيرة لفائدة كل الناس. وإذا أخفقنا في هذا، سنخفق في توفير التنمية المستدامة للجميع. ونظرا لكون مستقبل كوكبنا ورفاهيتنا المشتركة معرض للخطر، فليس هناك ما يبرر عدم التدخل.
To have unlimited access to our content including in-depth commentaries, book reviews, exclusive interviews, PS OnPoint and PS The Big Picture, please subscribe
Since Plato’s Republic 2,300 years ago, philosophers have understood the process by which demagogues come to power in free and fair elections, only to overthrow democracy and establish tyrannical rule. The process is straightforward, and we have now just watched it play out.
observes that philosophers since Plato have understood how tyrants come to power in free elections.
Despite being a criminal, a charlatan, and an aspiring dictator, Donald Trump has won not only the Electoral College, but also the popular vote – a feat he did not achieve in 2016 or 2020. A nihilistic voter base, profit-hungry business leaders, and craven Republican politicians are to blame.
points the finger at a nihilistic voter base, profit-hungry business leaders, and craven Republican politicians.
نيويورك- عندما ضرب الإعصار الحلزوني إيداي الموزمبيق، ومالاوي، وزيمبابوي، ومدغشقر الشهر الماضي، قَتل ما يناهز ألف شخص، وشَرَّد ما يناهز مئات آلاف آخرين وجوعهم وجعلهم عرضة للإصابة بالأمراض. ووفقا للتقديرات، يرجح أن الإعصار دمر ما قيمته أكثر من مليار دولار من البنية التحتية.
وأصبحت مثل هذه الأعاصير مألوفة وميؤوس منها. لقد كان أيدار آخر إعصار من سلسلة الظواهر الجوية البالغة الشدة، مما يبين لنا أن الآثار المدمرة لتغير المناخ لا تكمن في المستقبل البعيد، بل في حاضرنا. والأسوأ من هذا أن أفقر سكان العالم وأكثرهم هشاشة هم الأكثر تضررا منها. وستضطر الموزمبيق – البلد الأكثر تضررا من إيداي- إلى إعادة البناء وأيديها مكتفة إلى الوراء، لأنها لازالت تتفاوض من أجل إعادة بناء ديونها غير المستدامة.
وللتصدي لهذه التحديات، اعتمد المجتمع الدولي برنامج 2030 للتنمية المستدامة، التي كانت خطوة نحو الرفاهية والاستدامة المشتركتين. لكن أهداف التنمية المستدامة لن تحقق ما لم نصلح أنظمتنا المالية وفقا لخطة عمل أديس أبابا التي وضعتها الأمم المتحدة. إننا نحتاج إلى هندسة مالية عالمية ستمكننا من تمويل المشاريع الضرورية (بما في ذلك تلك المتعلقة بالبنية التحتية)، والاستجابة السريعة للصدمات، ووضع الدولة التي تعاني من صعوبات في ظروف مالية مناسبة.
ولقد حصل تحسن نسبي. إذ لاحظ تقييم جديد للتمويل العالمي للتنمية المستدامة، الذي أنجزته الأمم المتحدة بتعاون مع صندوق النقد الدولي، والبنك الدولي، ومنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، أن اهتمام القطاع الخاص بالتمويل المستدام يتزايد، فضلا عن تزايد إدراج أهداف التنمية المستدامة في الميزانيات العامة وجهود التعاون من أجل التنمية.
لكن هذه التغيرات لا تحدث بوتيرة سريعة بما يكفي، ولا تحدث على النطاق المطلوب. مثلا، في النصف الأول من عام 2018، بلغ مجموع استثمارات القطاع الخاص في البنية التحتية للدول النامية 43 مليار دولار، أي أقل مقارنة مع نفس الفترة من عام 2012. ومن أجل تحقيق هدف توفير التعليم الابتدائي العالمي مع حلول عام 2030، يجب إنفاق أكثر من ضعف ما ينفق على التعليم سنويا في أفقر دول العالم.
وفي نفس الوقت، ينبغي التصدي للمخاطر المنهجية الخفية من أجل تفادي الأزمات في المستقبل. وهنا، لا يوحي المستقبل بالتفاؤل. إذ، عرف النمو الاقتصادي ارتفاعا بنسبة 3%، وهي قيمة أبعد مما يقتضيه القضاء على الفقر في العديد من الدول. وفي عام 2017، ارتفعت الأجور (بعد ضبط التضخم) بنسبة 1.8 فقط، وهي أقل نسبة في عشر سنوات. ويعيش معظم سكان العالم اليوم في بلدان تعرف مستويات مرتفعة من اللامساواة في الأجور. ومع أن العولمة عززت الرفاهية إلى حد كبير، ومكنت من تحقيق تقدم كبير في مكافحة الفقر، لم توزع المكاسب بتساو. إذ أقصيت العديد من الأسر والمجتمعات والدول من الرفاهية المتزايدة.
Introductory Offer: Save 30% on PS Digital
Access every new PS commentary, our entire On Point suite of subscriber-exclusive content – including Longer Reads, Insider Interviews, Big Picture/Big Question, and Say More – and the full PS archive.
Subscribe Now
ونظرا لهذه الظروف، ليس مفاجئا أن تتراجع الثقة في تعددية الأطراف في العديد من أنحاء العالم. ومع أن النظام المتعدد الأطراف يواجه أزمة الشرعية، فهو يحظى أيضا بفرصة. ويجعلنا التغير السريع- في سياسات الحكومة، والمناخ- أن نركز أكثر على التحديات المتمثلة في الترتيبات الحالية في المالية العالمية، والتجارة، والديون، والضريبة التجارية وفي مجالات أخرى. ولأننا نلقي نظرة من جديد على هذه الترتيبات، يمكننا توجيه هذه الترتيبات صوب تحقيق هدف التنمية المستدامة.
مثلا، ركزت الحاجة الملحة للاستثمارات الطويلة الأمد من أجل التصدي لتغير المناخ على التوجيه القصير الأمد للأسواق الرأسمالية، وأنقص من أهمية مواءمة المحفزات التي تتحكم في سلوك الفاعلين في النظام المالي. ويمثل خضوع أكثر من 588 مليار دولار من البضائع للقيود التجارية مع حلول منتصف أكتوبر 2018- وهو ارتفاع بنسبة سبعة أضعاف مقارنة مع العام الماضي، أزمة النظام التجاري المتعدد الأطراف، لكنها تمثل أيضا فرصة للنهوض بسياسة أكثر عدلا لمواجهة العولمة.
وعلى غرار الموزمبيق، هناك الآن على الأقل 30 دولة نامية وضعيفة الدخل تواجه خطر أزمة الديون. لكن زيادة مخاطر الديون السيادية، التي تتزامن مع تغيير هندسة الدائن، أوعى المجتمع الدولي بالثغرات في الهندسة الحالية لاستدامة الديون السيادية.
وختاما، كانت الرقمنة السبب وراء احتدام النقاش بشأن تصميم النظام الضريبي الدولي وتأثيره على اللامساواة. وبين تركيز السوق المتزايد، خاصة في قطاع الاقتصاد الرقمي، ضرورة معالجة الانعكاسات التوزيعية للتكنولوجيا الجديدة- داخل الدول وبينها.
إن السياسات القومية للزيادة من الضرائب، وجذب الاستثمارات، ومواءمة الأنظمة المالية المحلية مع أهداف التنمية المستدامة، ضرورية لتوجيه التغيير الذي نحتاجه. لكن لا يمكن أن تحل الدول التي تشتغل لوحدها مشاكل العالم الأكثر إلحاحا. وبدل التخلي عن تعددية الأطراف ، ينبغي على المجتمع الدولي تعزيز العمل الجماعي. وفقط عن طريق العمل الجماعي يمكننا تحقيق إنجازات كبيرة لفائدة كل الناس. وإذا أخفقنا في هذا، سنخفق في توفير التنمية المستدامة للجميع. ونظرا لكون مستقبل كوكبنا ورفاهيتنا المشتركة معرض للخطر، فليس هناك ما يبرر عدم التدخل.
ترجمة: نعيمة أبروش Translated by Naaima Abarouch