jackowski1_Ricardo ArduengoGettyImages_florida_hurricane_destruction Ricardo Arduengo/Getty Images

الشمول المالي الرقمي يعزز الصمود المناخي

برتشايس، نيويوركــ في وقت سابق من هذا العام، اجتمعت كوكبة من خبراء الاقتصاد لإكمال أكبر تحليل للتأثيرات الاقتصادية التي تخلفها الأعاصير على الولايات المتحدة حتى وقتنا هذا. كانت إحدى النتائج الأكثر لفتا للانتباه أن الشركات التي يقتصر وجودها على المتاجر المادية التقليدية وكانت في مسار الإعصار عانت من انخفاض المبيعات بنسبة 56% لمدة ثلاثة أسابيع تقريبا، في حين شهدت الشركات التي لها وجود على الإنترنت انخفاضا أقل كثيرا ــ 23% فقط.

الخلاصة الواضحة هي أن كل شركة تقريبا ــ من متجر يبيع الأجهزة والمعدات في نورث كارولينا إلى متجر صغير في نيروبي ــ يمكنها تعزيز قدرتها على الصمود في مواجهة تغير المناخ بالانضمام إلى الاقتصاد الرقمي.

في السنوات الأخيرة، توسعت الجهود العالمية لمكافحة تغير المناخ بسرعة. إذ تعمل صناعات الطاقة والسيارات على إصلاح سلاسل التوريد لتعزيز استيعاب التكنولوجيات النظيفة. وتنفذ الحكومات سياسات تساعد على التعجيل بالتحول الأخضر، من آلية تعديل الكربون الحدودية في الاتحاد الأوروبي إلى قانون خفض التضخم في الولايات المتحدة.

لكن التدابير الرامية إلى تعزيز الشمول الرقمي والمالي ــ العمل الحاسم المتمثل في تزويد المجتمعات المتخلفة عن الركب بالقدرة على الوصول إلى الإنترنت، والعمال بالحسابات المصرفية، ورواد الأعمال بالأدوات الرقمية ــ تغيب غالبا في الكفاح ضد الانحباس الحراري الكوكبي. ويوضح التقرير حول تأثير الأعاصير، الذي أعده البنك الدولي، ومعهد التمويل المستدام والأخضر، ومعهد ماستركارد للاقتصاد، لماذا قد يكون لإدماج هذه التدابير في خطط العمل المناخي تأثير قوي.

يعيش أكثر من مليار شخص لا يتعاملون مع البنوك في البلدان الأكثر عرضة لتغير المناخ، وتحسين قدرتهم على الوصول إلى الخدمات المصرفية الرقمية وخدمات الدفع من شأنه أن يجعلهم ومجتمعاتهم أكثر قدرة على الصمود في مواجهة الصدمات الاقتصادية والمناخية. في أعقاب أي كارثة طبيعية، تتمكن الأُسَر من تلقي أموال الإغاثة بسهولة أكبر من خلال التحويلات المالية الرقمية، وتتمكن الشركات من الاستمرار في البيع لعملائها عبر الإنترنت.

وهذا يمثل فرصة واضحة، وخاصة لشركات التكنولوجيا المالية والمنظمات غير الساعية إلى الربح، لخلق مزيد من المنتجات والخدمات عند تقاطع المرونة المناخية والشمول الرقمي. من الأمثلة الجيدة على ذلك المؤسسة الاجتماعية "أبالوبي"، التي وصلت إلى نهائيات جائزة "Earthshot" ​​في عام 2023. ابتكرت أبالوبي تطبيقا يستطيع صِـغار صيادي الأسماك استخدامه لإدخال حجم صيدهم رقميا، مع توضيح مكان صيده بالضبط.

HOLIDAY SALE: PS for less than $0.7 per week
PS_Sales_Holiday2024_1333x1000

HOLIDAY SALE: PS for less than $0.7 per week

At a time when democracy is under threat, there is an urgent need for incisive, informed analysis of the issues and questions driving the news – just what PS has always provided. Subscribe now and save $50 on a new subscription.

Subscribe Now

يعالج التطبيق مشكلتين. فهو أولا يوفر بيانات لا تقدر بثمن للحكومات والعلماء حول من يصطاد بشكل مستدام ومن لا يفعل. ثانيا، يبيع صِـغار صيادي الأسماك صيدهم غالبا من خلال وسطاء يدفعون أسعارا منخفضة، وهذا يجبرهم على جلب أكبر قدر ممكن من الصيد لكسب لقمة العيش. ولكن باستخدام السوق الرقمية التي يوفرها التطبيق، يصبح بوسع هؤلاء الصيادين الاتصال مباشرة بالمطاعم وغيرها من المشترين، ليتمكنوا من بيع صيدهم بأسعار أعلى. وهذا يسمح لهم بالصيد بشكل أكثر انتقائية، ويقلل بدوره من الضغط على الحياة البحرية.

كما يتيح تطبيق "Yo! Pay Agric"، المدعوم من Mastercard Community Pass، للمزارعين من أصحاب الحيازات الصغيرة التواصل مع المشترين الإقليميين من خلال منظماتهم التعاونية للمزارعين، وتجاوز الوسطاء وكسب أسعار أعلى مقابل محاصيلهم. ومن الممكن أن يستخدم المزارعون البيانات المرتبطة بالمعاملات من هذه المبيعات لإثبات جدارتهم الائتمانية، وهذا يسهل عليهم تأمين القروض للاستثمار في البذور، والأسمدة، وحلول الطاقة النظيفة مثل معدات المزارع التي تعمل بالطاقة الشمسية.

يجب أن يصبح الشمول الرقمي والمالي ركيزة أساسية للجهود المناخية في المستقبل، مع التركيز على الحد من عدد الأفراد غير المتعاملين مع البنوك وتشييد البنية الأساسية الرقمية في المجتمعات المعرضة لمخاطر تغير المناخ. لتحقيق هذه الغاية، تحتاج الشركات الخاصة، والحكومات، والمنظمات غير الربحية إلى العمل معا لابتكار حلول مُـبدِعة، بما في ذلك منتجات مثل أبالوبي وYo! Pay. هذا النهج من شأنه أن يساعد المستخدمين المحليين على تحسين صحتهم المالية مع تعزيز قدرتهم على الصمود في الوقت ذاته.

إن تغير المناخ والفقر مشكلتان متشابكتان: فلا يمكننا التصدي لأحداهما بفعالية دون معالجة الأخرى. لن يتسنى للأدوات الرقمية والقدرة على الوصول إلى الخدمات المالية وقف الكوارث المرتبطة بالمناخ، لكنها من الممكن أن تجعل من السهل على الناس التعافي من هذه الصدمات. وتعزيز القدرة المالية لصالح الأسر الأكثر عرضة لتغير المناخ يعود بالفائدة على المجتمعات المحلية، في حين يفيد أيضا الاقتصاد العالمي بالكامل.

ترجمة: إبراهيم محمد علي        Translated by: Ibrahim M. Ali

https://prosyn.org/jQnkaXLar