تازمانيا — عندما أهلكت موجة من الجفاف القاسي أجزاء كبيرة من المحاصيل، اضطر بعض منتجي الألبان واللحوم الأوروبيين لفرز ماشيتهم في وقت مبكر لتقليص عدد الرؤوس التي عليهم إطعامها. وستصبح مثل هذه القرارات روتينية في عالم سيشهد موجات طقس حار أطول أمدا، وأكثر ارتفاعا في درجة الحرارة، وأكثر جفافا وأكثر حدوثا.
وبعيدا عن تغير المناخ، ترجع نسبة 60% من التنوع البيولوجي المفقود إلى تغير استغلال الأراضي جراء تربية المواشي، وهذه نسبة مهولة، كما أن 80% من كل الأراضي الزراعية مخصصة إما لتربية الماشية أو لزرع طعامها. وهناك حقيقة ترفض أن تتغير، وهي أن اللحوم ليست صحية.
ويمكننا إيجاد حل أفضل دون التضحية بالكثير. فحسب بحث أنجزه تشاتام هاوس مؤخرا، مثلا، يمكن للأشخاص في الدول النامية القبول بتقليص نسبة استهلاكهم للحوم، إذا توفرت لديهم بدائل مناسبة وذات نكهة وبنفس الثمن.
ومن أجل التوضيح؛ أنا لا أقترح على الناس أن يصبحوا نباتيين ( رغم أن هذا النظام الغذائي أكثر ملائمة للبيئة بشكل لا نقاش فيه، ويساهم أقل في تغير المناخ، كما أنه صحي أكثر). ولا أظن أيضا أنه ينبغي على الحكومات فرض قيود على استهلاك اللحوم. لكن بالنسبة لصناع السياسة الذين يعترفون أن هناك القليل من السلبيات والكثير من الإيجابيات إذا خفض الأشخاص في الدول المتقدمة من نسبة استهلاكهم للحوم، هناك الكثير من الحلول الفعالة التكلفة التي يمكن الاسترشاد بها للذهاب في هذا الاتجاه.
As the US presidential election nears, stay informed with Project Syndicate - your go-to source of expert insight and in-depth analysis of the issues, forces, and trends shaping the vote. Subscribe now and save 30% on a new Digital subscription.
Subscribe Now
أولا، يمكن للحكومات- بل ينبغي عليها- رفع دعمها عن الزراعة التابعة للشركات، وعن المحاصيل التي تسمن ماشية هذه الشركات لتصبح صالحة للذبح. ومن خلال دعم الدول للممارسات الملوثة وغير الإنسانية، فهي بذلك تدفع للشركات للحيلولة دون تحقيق أهداف الانبعاثات المحددة بموجب اتفاقية باريز لعام 2015 بشأن المناخ.
ويمكن للحكومات، بل ينبغي عليها- تشجيع إنتاج المحاصيل الاكثر حيادا، والأغنى بالبروتينات، مثل القطاني والخضراوات الأخرى. ومن خلال زرع المزيد من الفاصوليا، والبازيلاء، والعدس، سيساهم المزارعون في التصدي لتغير المناخ عن طريق الحد من انبعاثات الغازات الدفيئة، وسيستفيدون من محاصيل تقاوم حالات الطقس الاكثر جفافا وحرارة.
ويمكن للحكومات أيضا أن ترفع دعمها عن المزارع التابعة للشركات، وتحوله لفائدة إنتاج "اللحوم" ذات المصدر النباتي، وغيرها من البدائل. إن أسواق "اللحوم النظيفة" حديثة العهد، لكنها في طور النوم، وردود أفعال الناس إيجابية بشكل كبير بشأن قدوم بعض المنتوجات الأكثر تطورا إلى الأسواق.
لكن، على غرار ما حدث في صناعة الوقود الأحفوري، دفع مؤيدو صناعة اللحوم صناع السياسات إلى عرقلة سياسة البدائل. وفي دول عديدة، نجحت اللوبيات في الدفاع عن منع تسمية منتوجات اللحوم على أنها منتوجات نباتية. فمثلا، في فرنسا، منعت فرنسا مؤخرا مصطلحات مثل "بورغر" نباتي أو "ستيك" نباتي، بحُجَّة أن كلا المنتوجين لا يمكن أن يصنعا إلا من اللحم.
وتشكل مثل هذه السياسات عائقا أمام التقليص من استهلاك اللحوم، وتتناقض مع التزام الدول بأهداف اتفاقية باريز. ويلعب دور الدعم الذي يقدمه قطاع صناعة اللحوم لهذه الأهداف نفس الدور الذي لعبه دعم صناعة الوقود الأحفوري، الذي ارتكز على ما هو أهم ؛لا أقل ولا أ كثر. أو هل يمكن أن يكون للمنتجين دورا إيجابيا في التخلي عن استهلاك اللحوم؟
عندما يتعلق الأمر بسياسة المناخ، ينبغي التعامل مع الزراعة على أساس أنها طاقة وأنها ناقلة، كلاهما يتوفران على نقط ترشدنا إلى طريقة معالجة تغير المناخ والحد من الانبعاثات. وقد تعَدَّت السياسات الهادفة إلى الحد من تأثير الزراعة وإنتاج المواد الغذائية، المتمثل في الانحباس الحراري الأجل المحدد بكثير.
يفصلنا عامين عن أول وأهم تقرير لدراسة التقدم بموجب اتفاقية باريز. سيتعين على الدول أن تُرِي ماذا فعلت، وماذا تفعل للحد من انبعاثاتها. لكنها ستتخلى عن جزء كبير من المشكل إذا فشلت في معالجة مشكل انتاج اللحوم ومشتقات الألبان واستهلاكها.
وفي نفس الوقت، سيعاني المزارعون الأوروبيون من المزيد من موجات الجفاف مثل تلك التي عانوا منها الصيف الماضي، شأنهم في ذلك شأن منتجي اللحوم الآخرين عبر العالم. إذ سيكون من الصعب إنتاج اللحوم ومشتقات الألبان، كما سيصبح اختيار الماشية في وقت مبكر أمرا عاديا. وكما هو الشأن بالنسبة للوقود الأحفوري، خيارنا الوحيد هو التصدي للمقاومة الدفاعية للصناعة، وتحويل نظامنا الغذائي إلى آخر يكون صحيا و نظيفا أكثر، بقدر ما هو لذيذ.
To have unlimited access to our content including in-depth commentaries, book reviews, exclusive interviews, PS OnPoint and PS The Big Picture, please subscribe
Donald Trump is offering a vision of crony rentier capitalism that has enticed many captains of industry and finance. In catering to their wishes for more tax cuts and less regulation, he would make most Americans’ lives poorer, harder, and shorter.
explains what a Republican victory in the 2024 election would mean for most Americans’ standard of living.
Elon Musk recently admitted that Donald Trump's policy agenda would lead to economic turmoil. But if their plan to eliminate government waste involves cuts to entitlement programs such as Social Security and Medicare, rather than the necessary military, diplomatic, and financial reforms, recovery will remain elusive.
argues that only a tycoon could love Donald Trump’s proposed tariffs, deportations, and spending cuts.
Log in/Register
Please log in or register to continue. Registration is free and requires only your email address.
تازمانيا — عندما أهلكت موجة من الجفاف القاسي أجزاء كبيرة من المحاصيل، اضطر بعض منتجي الألبان واللحوم الأوروبيين لفرز ماشيتهم في وقت مبكر لتقليص عدد الرؤوس التي عليهم إطعامها. وستصبح مثل هذه القرارات روتينية في عالم سيشهد موجات طقس حار أطول أمدا، وأكثر ارتفاعا في درجة الحرارة، وأكثر جفافا وأكثر حدوثا.
إن قطاع تربة الماشية ليس فقط معرضا للآثار الملاحَظة والمتوقَّعة لتغير المناخ، بل إنه أيضا السبب الرئيسي في هذا المشكل. وفي واقع الأمر، تساهم تربية المواشي من أجل إنتاج اللحوم والألبان بنسبة 16.5% من انبعاثات الغازات الدفيئة على مستوى العالم.
وعلاوة على هذا، لو عالجنا ظاهرة تغير المناخ على أساس أنها حالة طارئة، ولو كنا جديين بشأن وتيرة ارتفاع درجة الحرارة خلال السنوات العشرين المقبلة، لكان التأثير النسبي لعملية تربية المواشي أكبر. هذا لأن هذه الأخيرة مسؤولة عن ثلث جميع انبعاثات غاز الميثان الناشئ عن الأنشطة البشرية وعن ثلثين من مجموع انبعاثات أكسيد النيتروجين.
وبعيدا عن تغير المناخ، ترجع نسبة 60% من التنوع البيولوجي المفقود إلى تغير استغلال الأراضي جراء تربية المواشي، وهذه نسبة مهولة، كما أن 80% من كل الأراضي الزراعية مخصصة إما لتربية الماشية أو لزرع طعامها. وهناك حقيقة ترفض أن تتغير، وهي أن اللحوم ليست صحية.
ويمكننا إيجاد حل أفضل دون التضحية بالكثير. فحسب بحث أنجزه تشاتام هاوس مؤخرا، مثلا، يمكن للأشخاص في الدول النامية القبول بتقليص نسبة استهلاكهم للحوم، إذا توفرت لديهم بدائل مناسبة وذات نكهة وبنفس الثمن.
ومن أجل التوضيح؛ أنا لا أقترح على الناس أن يصبحوا نباتيين ( رغم أن هذا النظام الغذائي أكثر ملائمة للبيئة بشكل لا نقاش فيه، ويساهم أقل في تغير المناخ، كما أنه صحي أكثر). ولا أظن أيضا أنه ينبغي على الحكومات فرض قيود على استهلاك اللحوم. لكن بالنسبة لصناع السياسة الذين يعترفون أن هناك القليل من السلبيات والكثير من الإيجابيات إذا خفض الأشخاص في الدول المتقدمة من نسبة استهلاكهم للحوم، هناك الكثير من الحلول الفعالة التكلفة التي يمكن الاسترشاد بها للذهاب في هذا الاتجاه.
Go beyond the headlines with PS - and save 30%
As the US presidential election nears, stay informed with Project Syndicate - your go-to source of expert insight and in-depth analysis of the issues, forces, and trends shaping the vote. Subscribe now and save 30% on a new Digital subscription.
Subscribe Now
أولا، يمكن للحكومات- بل ينبغي عليها- رفع دعمها عن الزراعة التابعة للشركات، وعن المحاصيل التي تسمن ماشية هذه الشركات لتصبح صالحة للذبح. ومن خلال دعم الدول للممارسات الملوثة وغير الإنسانية، فهي بذلك تدفع للشركات للحيلولة دون تحقيق أهداف الانبعاثات المحددة بموجب اتفاقية باريز لعام 2015 بشأن المناخ.
ويمكن للحكومات، بل ينبغي عليها- تشجيع إنتاج المحاصيل الاكثر حيادا، والأغنى بالبروتينات، مثل القطاني والخضراوات الأخرى. ومن خلال زرع المزيد من الفاصوليا، والبازيلاء، والعدس، سيساهم المزارعون في التصدي لتغير المناخ عن طريق الحد من انبعاثات الغازات الدفيئة، وسيستفيدون من محاصيل تقاوم حالات الطقس الاكثر جفافا وحرارة.
ويمكن للحكومات أيضا أن ترفع دعمها عن المزارع التابعة للشركات، وتحوله لفائدة إنتاج "اللحوم" ذات المصدر النباتي، وغيرها من البدائل. إن أسواق "اللحوم النظيفة" حديثة العهد، لكنها في طور النوم، وردود أفعال الناس إيجابية بشكل كبير بشأن قدوم بعض المنتوجات الأكثر تطورا إلى الأسواق.
لكن، على غرار ما حدث في صناعة الوقود الأحفوري، دفع مؤيدو صناعة اللحوم صناع السياسات إلى عرقلة سياسة البدائل. وفي دول عديدة، نجحت اللوبيات في الدفاع عن منع تسمية منتوجات اللحوم على أنها منتوجات نباتية. فمثلا، في فرنسا، منعت فرنسا مؤخرا مصطلحات مثل "بورغر" نباتي أو "ستيك" نباتي، بحُجَّة أن كلا المنتوجين لا يمكن أن يصنعا إلا من اللحم.
وتشكل مثل هذه السياسات عائقا أمام التقليص من استهلاك اللحوم، وتتناقض مع التزام الدول بأهداف اتفاقية باريز. ويلعب دور الدعم الذي يقدمه قطاع صناعة اللحوم لهذه الأهداف نفس الدور الذي لعبه دعم صناعة الوقود الأحفوري، الذي ارتكز على ما هو أهم ؛لا أقل ولا أ كثر. أو هل يمكن أن يكون للمنتجين دورا إيجابيا في التخلي عن استهلاك اللحوم؟
عندما يتعلق الأمر بسياسة المناخ، ينبغي التعامل مع الزراعة على أساس أنها طاقة وأنها ناقلة، كلاهما يتوفران على نقط ترشدنا إلى طريقة معالجة تغير المناخ والحد من الانبعاثات. وقد تعَدَّت السياسات الهادفة إلى الحد من تأثير الزراعة وإنتاج المواد الغذائية، المتمثل في الانحباس الحراري الأجل المحدد بكثير.
يفصلنا عامين عن أول وأهم تقرير لدراسة التقدم بموجب اتفاقية باريز. سيتعين على الدول أن تُرِي ماذا فعلت، وماذا تفعل للحد من انبعاثاتها. لكنها ستتخلى عن جزء كبير من المشكل إذا فشلت في معالجة مشكل انتاج اللحوم ومشتقات الألبان واستهلاكها.
وفي نفس الوقت، سيعاني المزارعون الأوروبيون من المزيد من موجات الجفاف مثل تلك التي عانوا منها الصيف الماضي، شأنهم في ذلك شأن منتجي اللحوم الآخرين عبر العالم. إذ سيكون من الصعب إنتاج اللحوم ومشتقات الألبان، كما سيصبح اختيار الماشية في وقت مبكر أمرا عاديا. وكما هو الشأن بالنسبة للوقود الأحفوري، خيارنا الوحيد هو التصدي للمقاومة الدفاعية للصناعة، وتحويل نظامنا الغذائي إلى آخر يكون صحيا و نظيفا أكثر، بقدر ما هو لذيذ.
ترجمة نعيمة أبروش Translated by Naaima Abarouch