سنغافورة – لقد حدد دونالد ترامب في خطاب رئاسي نادر في الأسبوع الماضي فى فورت ماير بولاية فرجينيا إستراتيجية إدارته لتعامل الولايات المتحدة المستقبلي مع أفغانستان و تجنب ترامب الإعتراف بصراحة بأنه كان يأذن بزيادة عديد القوات الأمريكية في تلك الدولة المضطربة، قائلا بدلا من ذلك أن القادة العسكريين سيتخذون مثل هذه القرارات ولكن الحقيقة هي أن خطة ترامب ستعمق المشاركة الأمريكية في المهمة العسكرية المستمرة منذ 16 سنة.
إن ترامب الذي كانت حملته الإنتخابية قائمة على وعوده بإخراج الولايات المتحدة من الصراعات الأجنبية، قد كرر في خطابه أنه يشارك " الشعب الأمريكى شعوره بالإحباط" إزاء السياسة الخارجية التي أخذت بالفعل الكثير من الوقت والجهد والمال بالإضافة الى الكثير من الأرواح و قال أن استراتيجيته الجديدة هي نتيجة التفكير العميق من قبله ومن فريق الأمن القومي التابع له حول كيفية ضمان أن أفغانستان لن تصبح مرة أخرى مصدرا للهجوم الإرهابي على الولايات المتحدة مثل هجمات 11 سبتمبر 2001
لقد سعى الرئيسان باراك اوباما وجورج بوش الأبن إلى تحقيق نفس الهدف ففي الواقع، على الرغم من محاولة ترامب لتصوير إستراتيجيته على أنها مختلفة تماما عن تلك التي قام بها أسلافه السابقين إلا أن العديد من الخطوات التي أعلن عنها قد تمت تجربتها سابقا و مع ذلك، هناك إختلافات رئيسية في نهج ترامب و هو الأمر الذي سيكون له عواقب وخيمة على المدى الطويل بالنسبة لأفغانستان.
بادىء ذي بدء فلقد تخلى ترامب عن عنصر "بناء الأمة" في إستراتيجية الولايات المتحدة الأمريكية تجاه أفغانستان حيث إنتقد ترامب الجهود السابقة لإعادة بناء الدول على شاكلة أمريكا وبدلا من وضع المصالح الأمنية الأمريكية أولا. لقد أكد ترامب أن الولايات المتحدة لن تشارك بعد الآن وبشكل صريح في عملية بناء الدولة من أجل مساعدة أفغانستان لتصبح كيانا سياسيا وإقتصاديا حديثا نسبيا بل ستطالب الحكومة الأفغانية بمعالجة الفساد على نحو فعال و تحسين الحكم و الإستفادة على نحو أفضل من الموارد التي تحصل عليها من المجتمع الدولي.
ثانيا، لقد ضم ترامب الباكستان بشكل أكثر وضوحا إلى سياسته الأفغانية مقارنة بما فعله الرئيسان بوش أو أوباما حيث قال أن الباكستان سوف تواجه ضغوطا أمريكية متزايدة بشكل كبير للقضاء على الملاذات الإرهابية على طول حدودها التي يشن منها المتمردون الهجمات على القوات الأفغانية وقوات الناتو وأعلن ترامب أنه إذا فشلت الباكستان في القيام بذلك، فإنها "ستخسر الكثير" و قد قرر ترامب بالفعل أنه لا يجب دفع الأموال للباكستان نظير تقديمها لخدمات قيمة للقوات الأمريكية وقوات الناتو والقوات الأفغانية حيث قام بالفعل بعرقلة دفعة كبيرة مستحقة للباكستان.
وأخيرا، دعا ترامب الهند إلى القيام بدور أكبر في أفغانستان على الرغم من المخاطر التي قد تواجهها الهند في بلد تعتبره الباكستان جبهة ثانية في نضالها التاريخي ضد جارتها الجنوبية علما أن ترامب يقدر ما فعلته الهند ولكنه يحثها على عمل المزيد وذلك من خلال إستخدام أرباحها الضخمة من الصادرات إلى الولايات المتحدة للمساعدة في إعادة بناء إقتصاد أفغانستان كما أقترح أن تعمل الولايات المتحدة مع الهند لخلق منطقة أمنية هندية / باسيفيكية و يبدو على أية حال أن إمكانات التعاون الأمني الأمريكي-الهندي في المنطقة قد نوقشت بالفعل من قبل الحكومتين على الرغم من أن ترمب لم يتطرق الى ذلك التعاون في خطابه إلا تلميحا.
Access every new PS commentary, our entire On Point suite of subscriber-exclusive content – including Longer Reads, Insider Interviews, Big Picture/Big Question, and Say More – and the full PS archive.
Subscribe Now
إن أبعاد خطاب ترامب تتجاوز سياسة أمريكا في أفغانستان حيث أوضح الخطاب ملامح ما يطلق عليه بعقيدة ترامب والتي بدأت بالتشكل خلال زيارته إلى السعودية في شهر مايو الماضي وزيارته الى بولندا في يوليو الماضي .
يبدو أن ترامب يرى إنقساما عالميا بين الغرب و "بقية" العالم مع حتمية الصراع. لقد دعا ترامب في المملكة العربية السعودية الدول ذات الأغلبية المسلمة للإنضمام إلى الغرب في القضاء على أتباع الراديكالية الإسلامية وفي بولندا تحدى الغرب من أجل إظهار إرادته لمقاومة تأثير الخصوم المادي والفلسفي.
إن ترامب لا يستهدف العالم الإسلامي فحسب حيث أشار خطابه عن أفغانستان كذلك إلى جهوده لإحتواء الصين وبينما بدا ترامب لفترة وجيزة أكثر إهتماما بتأمين مساعدة الحكومة الصينية في كبح جماح كوريا الشمالية ، يبدو أن ترامب حريص على إستئناف تركيز إدارته على تقييد العملاق الآسيوي بعد تراجع الإهتمام بالأزمة النووية الكورية الشمالية.
لكن عقيدة ترامب لا تبدو قادرة على الحد من دور الصين كما لا تبدو قادرة على القضاء على التهديد الإرهابي للغرب ففي الواقع، ربما يكون لإستراتيجية ترامب التي وضعت في فورت ماير على المدى الطويل تأثير معاكس.
إذا لم تنجح القوة العسكرية في تحقيق الإستقرار في أفغانستان خلال السنوات ال 16الأخيرة فمن الصعب تصور كيف يعتقد ترامب أنها ستنجح الآن حيث أن المطلوب على وجه التحديد هو ما يرفضه ترامب وهو بذل جهود جدية ومستمرة لبناء الدولة والإقتصاد في افغانستان من أجل إعطاء الأمل للشباب الأفغان (متوسط العمر هو 18.6 فقط) حيث أن الشبان سيلقون بأسلحتهم إذا كان لديهم الثقة التامة في المستقبل.
وعلاوة على ذلك، فإن وضع الباكستان في الزواية لن يؤدي إلا إلى إجبار حكومتها على التحالف بشكل صريح مع أطراف مثل شبكة حقاني وهي جماعة جهادية مسلحة تقاتل قوات الناتو والقوات الأفغانية ومن شأن ذلك أن يعزز سيطرة جماعات المتمردين على المناطق الحدودية مما يخلق بالفعل دولة عازلة بين أفغانستان والباكستان.
ربما تعمد باكستان أيضا إلى تعميق علاقاتها مع الصين مع تراجع التمويل من الولايات المتحدة وقد أرسلت بالفعل وزير الخارجية إلى بكين للإجتماع مع نظيرها الصيني و قد تعهدت الصين في البيان الذي صدر عقب الإجتماع بتقديم دعم تام وغير مشروط للباكستان.
وإذا كان الهدف من عقيدة ترامب هو خلق بيئة عالمية مستقرة يمكن لأمريكا من خلالها ان تسعى لتحقيق مصالحها الخاصة فإن ذلك محكوم عليه بالفشل فمن المرجح في الواقع أن يكون له تأثير معاكس وإطلاق العنان لعناصر زعزعة الإستقرار و التي سيكون من شبه المستحيل إرجاعها للوضع السابق مجددا.
To have unlimited access to our content including in-depth commentaries, book reviews, exclusive interviews, PS OnPoint and PS The Big Picture, please subscribe
Not only did Donald Trump win last week’s US presidential election decisively – winning some three million more votes than his opponent, Vice President Kamala Harris – but the Republican Party he now controls gained majorities in both houses on Congress. Given the far-reaching implications of this result – for both US democracy and global stability – understanding how it came about is essential.
By voting for Republican candidates, working-class voters effectively get to have their cake and eat it, expressing conservative moral preferences while relying on Democrats to fight for their basic economic security. The best strategy for Democrats now will be to permit voters to face the consequences of their choice.
urges the party to adopt a long-term strategy aimed at discrediting the MAGA ideology once and for all.
سنغافورة – لقد حدد دونالد ترامب في خطاب رئاسي نادر في الأسبوع الماضي فى فورت ماير بولاية فرجينيا إستراتيجية إدارته لتعامل الولايات المتحدة المستقبلي مع أفغانستان و تجنب ترامب الإعتراف بصراحة بأنه كان يأذن بزيادة عديد القوات الأمريكية في تلك الدولة المضطربة، قائلا بدلا من ذلك أن القادة العسكريين سيتخذون مثل هذه القرارات ولكن الحقيقة هي أن خطة ترامب ستعمق المشاركة الأمريكية في المهمة العسكرية المستمرة منذ 16 سنة.
إن ترامب الذي كانت حملته الإنتخابية قائمة على وعوده بإخراج الولايات المتحدة من الصراعات الأجنبية، قد كرر في خطابه أنه يشارك " الشعب الأمريكى شعوره بالإحباط" إزاء السياسة الخارجية التي أخذت بالفعل الكثير من الوقت والجهد والمال بالإضافة الى الكثير من الأرواح و قال أن استراتيجيته الجديدة هي نتيجة التفكير العميق من قبله ومن فريق الأمن القومي التابع له حول كيفية ضمان أن أفغانستان لن تصبح مرة أخرى مصدرا للهجوم الإرهابي على الولايات المتحدة مثل هجمات 11 سبتمبر 2001
لقد سعى الرئيسان باراك اوباما وجورج بوش الأبن إلى تحقيق نفس الهدف ففي الواقع، على الرغم من محاولة ترامب لتصوير إستراتيجيته على أنها مختلفة تماما عن تلك التي قام بها أسلافه السابقين إلا أن العديد من الخطوات التي أعلن عنها قد تمت تجربتها سابقا و مع ذلك، هناك إختلافات رئيسية في نهج ترامب و هو الأمر الذي سيكون له عواقب وخيمة على المدى الطويل بالنسبة لأفغانستان.
بادىء ذي بدء فلقد تخلى ترامب عن عنصر "بناء الأمة" في إستراتيجية الولايات المتحدة الأمريكية تجاه أفغانستان حيث إنتقد ترامب الجهود السابقة لإعادة بناء الدول على شاكلة أمريكا وبدلا من وضع المصالح الأمنية الأمريكية أولا. لقد أكد ترامب أن الولايات المتحدة لن تشارك بعد الآن وبشكل صريح في عملية بناء الدولة من أجل مساعدة أفغانستان لتصبح كيانا سياسيا وإقتصاديا حديثا نسبيا بل ستطالب الحكومة الأفغانية بمعالجة الفساد على نحو فعال و تحسين الحكم و الإستفادة على نحو أفضل من الموارد التي تحصل عليها من المجتمع الدولي.
ثانيا، لقد ضم ترامب الباكستان بشكل أكثر وضوحا إلى سياسته الأفغانية مقارنة بما فعله الرئيسان بوش أو أوباما حيث قال أن الباكستان سوف تواجه ضغوطا أمريكية متزايدة بشكل كبير للقضاء على الملاذات الإرهابية على طول حدودها التي يشن منها المتمردون الهجمات على القوات الأفغانية وقوات الناتو وأعلن ترامب أنه إذا فشلت الباكستان في القيام بذلك، فإنها "ستخسر الكثير" و قد قرر ترامب بالفعل أنه لا يجب دفع الأموال للباكستان نظير تقديمها لخدمات قيمة للقوات الأمريكية وقوات الناتو والقوات الأفغانية حيث قام بالفعل بعرقلة دفعة كبيرة مستحقة للباكستان.
وأخيرا، دعا ترامب الهند إلى القيام بدور أكبر في أفغانستان على الرغم من المخاطر التي قد تواجهها الهند في بلد تعتبره الباكستان جبهة ثانية في نضالها التاريخي ضد جارتها الجنوبية علما أن ترامب يقدر ما فعلته الهند ولكنه يحثها على عمل المزيد وذلك من خلال إستخدام أرباحها الضخمة من الصادرات إلى الولايات المتحدة للمساعدة في إعادة بناء إقتصاد أفغانستان كما أقترح أن تعمل الولايات المتحدة مع الهند لخلق منطقة أمنية هندية / باسيفيكية و يبدو على أية حال أن إمكانات التعاون الأمني الأمريكي-الهندي في المنطقة قد نوقشت بالفعل من قبل الحكومتين على الرغم من أن ترمب لم يتطرق الى ذلك التعاون في خطابه إلا تلميحا.
Introductory Offer: Save 30% on PS Digital
Access every new PS commentary, our entire On Point suite of subscriber-exclusive content – including Longer Reads, Insider Interviews, Big Picture/Big Question, and Say More – and the full PS archive.
Subscribe Now
إن أبعاد خطاب ترامب تتجاوز سياسة أمريكا في أفغانستان حيث أوضح الخطاب ملامح ما يطلق عليه بعقيدة ترامب والتي بدأت بالتشكل خلال زيارته إلى السعودية في شهر مايو الماضي وزيارته الى بولندا في يوليو الماضي .
يبدو أن ترامب يرى إنقساما عالميا بين الغرب و "بقية" العالم مع حتمية الصراع. لقد دعا ترامب في المملكة العربية السعودية الدول ذات الأغلبية المسلمة للإنضمام إلى الغرب في القضاء على أتباع الراديكالية الإسلامية وفي بولندا تحدى الغرب من أجل إظهار إرادته لمقاومة تأثير الخصوم المادي والفلسفي.
إن ترامب لا يستهدف العالم الإسلامي فحسب حيث أشار خطابه عن أفغانستان كذلك إلى جهوده لإحتواء الصين وبينما بدا ترامب لفترة وجيزة أكثر إهتماما بتأمين مساعدة الحكومة الصينية في كبح جماح كوريا الشمالية ، يبدو أن ترامب حريص على إستئناف تركيز إدارته على تقييد العملاق الآسيوي بعد تراجع الإهتمام بالأزمة النووية الكورية الشمالية.
لكن عقيدة ترامب لا تبدو قادرة على الحد من دور الصين كما لا تبدو قادرة على القضاء على التهديد الإرهابي للغرب ففي الواقع، ربما يكون لإستراتيجية ترامب التي وضعت في فورت ماير على المدى الطويل تأثير معاكس.
إذا لم تنجح القوة العسكرية في تحقيق الإستقرار في أفغانستان خلال السنوات ال 16الأخيرة فمن الصعب تصور كيف يعتقد ترامب أنها ستنجح الآن حيث أن المطلوب على وجه التحديد هو ما يرفضه ترامب وهو بذل جهود جدية ومستمرة لبناء الدولة والإقتصاد في افغانستان من أجل إعطاء الأمل للشباب الأفغان (متوسط العمر هو 18.6 فقط) حيث أن الشبان سيلقون بأسلحتهم إذا كان لديهم الثقة التامة في المستقبل.
وعلاوة على ذلك، فإن وضع الباكستان في الزواية لن يؤدي إلا إلى إجبار حكومتها على التحالف بشكل صريح مع أطراف مثل شبكة حقاني وهي جماعة جهادية مسلحة تقاتل قوات الناتو والقوات الأفغانية ومن شأن ذلك أن يعزز سيطرة جماعات المتمردين على المناطق الحدودية مما يخلق بالفعل دولة عازلة بين أفغانستان والباكستان.
ربما تعمد باكستان أيضا إلى تعميق علاقاتها مع الصين مع تراجع التمويل من الولايات المتحدة وقد أرسلت بالفعل وزير الخارجية إلى بكين للإجتماع مع نظيرها الصيني و قد تعهدت الصين في البيان الذي صدر عقب الإجتماع بتقديم دعم تام وغير مشروط للباكستان.
وإذا كان الهدف من عقيدة ترامب هو خلق بيئة عالمية مستقرة يمكن لأمريكا من خلالها ان تسعى لتحقيق مصالحها الخاصة فإن ذلك محكوم عليه بالفشل فمن المرجح في الواقع أن يكون له تأثير معاكس وإطلاق العنان لعناصر زعزعة الإستقرار و التي سيكون من شبه المستحيل إرجاعها للوضع السابق مجددا.