Middle-aged group of workers in Asia

إغلاق فجوة المهارات الناشئة في آسيا

سول ــ تواجه آسيا الآن تحدي رأس المال البشري. فعلى مدار العقود الثلاثة الماضية، ساعدت المكاسب الكبيرة في حجم قوة العمل والجودة آسيا في التحول إلى مركز لسلاسل الإمداد العالمية ــ وبالتالي تمكينها من دعم التقدم السريع نحو مستويات الدخل والمعيشة في الاقتصادات المتقدمة. ولكن مع تزايد عجز العمال عن تلبية متطلبات سوق العمل، يصبح النجاح المذهل الذي حققته المنطقة في مجال التنمية عُرضة للخطر.

الواقع أن آسيا لديها وفرة من العمال الشباب المتعلمين. ولكن في وقت يتسم بالترقية الصناعية والتطور التكنولوجي المتزايد، تصبح المعارف والمهارات المكتسبة في المدرسة غير كافية غالبا. ونتيجة لهذا، أصبحت مستويات البطالة والبطالة المقنعة وعدم الرضا الوظيفي بين الشباب في ارتفاع.

وفي مختلف أنحاء آسيا، يشعر أفراد حصة كبيرة من العمال بأنهم إما أكثر تعليماً أو أقل تعليماً مما يتناسب مع الوظائف التي يشغلونها، في حين يشكو أرباب العمل غالباً من الافتقار إلى الخريجين المؤهلين. وتشير دراسة مسح أجرتها "مجموعة القوى العاملة" إلى أن 48% من أرباب العمل في آسيا واجهوا صعوبة في شغل الوظائف الشاغرة لديهم في عام 2015، مقارنة بنحو 28% في عام 2006. ومن ناحية أخرى، يناضل العديد من خريجي الجامعات ــ بما في ذلك 45% في كوريا الجنوبية ــ بحثاً عن وظيفة.

ورغم الاختلافات بين بلدان آسيا، فإن بعض نقاط الضعف في السياسات والأنظمة المصممة لتعزيز تنمية المهارات أصبحت مستوطنة. وأكثر نقاط الضعف هذه ضرراً عدم قدرة العديد من البلدان على نقل المهارات المناسبة من خلال برامج التدريب قبل التوظيف وعلى رأس العمل.

ففي الهند على سبيل المثال، شارك 0.8% فقط من الطلاب في المتوسط في التعليم الفني والمهني الرسمي في المرحلة الثانوية من الفترة 2006 إلى 2010. والواقع أن نظام التعليم والتدريب الفني والمهني في الهند يستطيع تدريب أقل من ربع 13 مليون شخص يدخلون سوق العمل سنويا. ونادراً ما يكون نظام التعليم والتدريب الفني والمهني متاحاً في الشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم أو القطاع غير الرسمي، كما يتلقى قدراً ضئيلاً للغاية من التمويل العام.

وعلاوة على ذلك، يعمل الافتقار في مختلف أنحاء آسيا إلى المشاركة من قِبَل الشركات الخاصة ــ أرباب العمل المحتملين ــ على تقويض قدرة أنظمة التعليم والتدريب الفني والمهني على الاستجابة بالقدر الكافي للتغيرات في سوق العمل، وبالتالي التقليل من فرص العمل المتاحة للخريجين. ففي بنجلاديش، وإندونيسيا، وسريلانكا، تدير أقل من ربع الشركات برامج تدريب داخلية رسمية. وتساهم نُدرة المعلمين المؤهلين تأهيلاً جيداً والإدارة غير الفعّالة في تفاقم هذا الوضع.

Winter Sale: Save 40% on a new PS subscription
PS_Sales_Winter_1333x1000 AI

Winter Sale: Save 40% on a new PS subscription

At a time of escalating global turmoil, there is an urgent need for incisive, informed analysis of the issues and questions driving the news – just what PS has always provided.

Subscribe to Digital or Digital Plus now to secure your discount.

Subscribe Now

ويتعين على الحكومات في مختلف أنحاء آسيا أن تعمل على ابتكار طرق لتحويل أنظمة التعليم والتدريب لديها، حتى يتسنى للعمال اكتساب المهارات التي يحتاجون إليها لتعزيز النمو الاقتصادي والإنتاجية ــ المفتاح إلى الوظائف الأفضل والأجور الأعلى. ومن الأهمية بمكان أن تعمل الحكومات على جعل اكتساب المهارات سمة أساسية في سياسات التنمية الوطنية. وفي وقت يتسم بالتغير السريع، يصبح من الضروري تنسيق التعليم ومهارات التدريب مع التجارة والسياسات الصناعية لتحسين فرص تلبية متطلبات أسواق العمل الناشئة.

وعلاوة على ذلك، لابد من إعادة هيكلة أنظمة التعليم العام وأنظمة التعليم والتدريب الفني والمهني. ففي العديد من بلدان آسيا، كثيراً ما يتسم التعليم الرسمي بالإفراط في الأكاديمية أو انخفاض الجودة ببساطة، وهو ما يعمل على تقويض فرص توظيف الخريجين، بل وأيضاً قدرتهم على جني ثمار المزيد من التعليم والتدريب الفني والمهني. ويتعين على المدارس الثانوية والعالية، لكي تصبح فعّالة، أن تنتج خريجين يتمتعون بالمهارات الناعمة مثل التواصل والعمل الجماعي، وما يرتبط بذلك من المهارات الفنية. وهنا تستطيع الشراكات الأكثر قوة بين المعلمين وأرباب العمل لتطوير معايير المناهج، وخلق فرص التدريب في مواقع العمل، وتوفير التمويل، أن تساعد كثيرا.

ولابد أيضاً من تحسين قدرة وجودة أنظمة التعليم والتدريب الفني والمهني. فمع تحسن قدرة الحكومات على الإشراف على أنظمة التعليم والتدريب الفني والمهني وتنسيقها وتنظيمها، يصبح من الواجب تحويل برامج تدريب المهارات الفعلية إلى القطاع الخاص، وبالتالي تحويل النظام الحالي القائم على العرض إلى نظام يستجيب بفعالية لطلب السوق المتغير.

وتحقيقاً لهذه الغاية، ينبغي للحكومات أن تشجع الشراكات بين القطاعين العام والخاص التي تركز، على سبيل المثال، على تحديد احتياجات سوق العمل غير الملباة، وتحديد أولويات سياسة أنظمة التعليم والتدريب الفني والمهني، وتطوير المناهج والمعايير الوطنية، وتدريب معلمي أنظمة التعليم والتدريب الفني والمهني، وتنفيذ آليات تقاسم التكاليف. ويتعين على الحكومات أيضاً أن تضمن تحسين قدرة الفئات المحرومة، بما في ذلك الأطفال من الأسر الفقيرة والمناطق الريفية والموظفين في الشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم والقطاع غير الرسمي، على الوصول إلى أنظمة التعليم والتدريب الفني والمهني.

ولأن التحدي المتمثل في تطوير أنظمة التعليم والتدريب على المهارات مشترك في مختلف أنحاء آسيا، فلا ينبغي للحكومات الوطنية أن تعمل في عزلة. ذلك أن المزيد من تبادل المعرفة، وخاصة عندما يتعلق الأمر بتطوير المناهج وتدريب المعلمين، وأيضاً تبادل الخبراء والطلاب وتحسين تبادل التكنولوجيا، من شأنه أن يعزز جهود جميع الأطراف بشكل كبير. وعلاوة على ذلك، سوف يساعد تشجيع المزيد من قدرة الطلاب/العمال على التنقل وتحسين مرونة سوق العمل، سواء داخل البلدان أو عبر المناطق، في تحسين عملية توزيع العمال المهرة.

في العقود المقبلة، سوف تستمر آسيا في المساهمة بعدد كبير من العمال في سوق العمل العالمية. وسوف يشكل مدى جودة تجهيز هؤلاء العمال لتلبية احتياجات السوق المتطورة دوماً عاملاً رئيسياً يؤثر ليس فقط على مسار آسيا، بل وأيضاً مسار الاقتصاد العالمي بالكامل.

ترجمة: مايسة كامل          Translated by: Maysa Kamel

https://prosyn.org/xmIXNd7ar