6aa2640446f86f380e2d9f28_pa1721c.jpg

الطاقة من أجل البشر

مكسيكو سيتي ـ إذا كنت تقرأ هذا المقال فهذا يعني أنك تتمتع في أغلب الظن بنعمة الطاقة الكهربية والتدفئة في بيتك ولم تفكر قط في هذه الحقيقة باعتبارها أمراً غير عادي أو لافتاً للنظر. ولكن هناك أكثر من مليارين من البشر ـ واحد من كل ثلاثة أشخاص على كوكب الأرض ـ غير قادرين على الحصول على الطاقة الحديثة لإضاءة وتدفئة المساكن التي يعيشون فيها.

إن العقبات التي تحول دون الحصول على الطاقة ليست فنية. فنحن نعرف كيف نبني شبكات الطاقة، ونصمم مواقد الطهي الحديثة، ونلبي الطلب على الطاقة بكفاءة. بيد أن الأمر المفقود هنا يتلخص في الالتزام العالمي بنقل مسألة الحصول على الطاقة إلى مرتبة أعلى على الأجندات السياسية وأجندات التنمية.

إن نصف سكان العالم يستخدمون الوقود الصلب، مثل الأخشاب، أو الفحم النباتي، أو الروث، لأغراض طهي الطعام. وطبقاً لتقارير منظمة الصحة العالمية فإن 1,6 مليون امرأة وطفل يموتون في كل عام نتيجة لاستنشاق الأدخنة في أماكن مغلقة، وعدداً أكبر منهم يموتون بسبب الملاريا. والواقع أن الجمع بين الانبعاثات الملوثة التي تلفظها مثل هذه المواقد وإزالة الغابات نتيجة لاستخدام الحطب يعني نشوء العديد من التحديات العالمية الملحة التي يمكن معالجتها على الفور من خلال سد فجوة الطاقة.

بيد أن الجهود الرامية إلى سد هذه الفجوة كانت حتى وقتنا هذا غير كافية من حيث الحجم والنطاق. ولكن  أصبح لدينا الآن خطة العمل التي عكفت المجموعة الاستشارية للأمين العام للأمم المتحدة بان كيمون لشئون الطاقة وتغير المناخ على تطويرها. وتعمل المجموعة على جمع كبار مسؤولي الأمم المتحدة مع رجال الأعمال، وبعضهم ينتمون إلى مؤسسة إديسون إنترناشيونال، وشركة ستات أويل، ومؤسسة سن تِك القابضة، وشركة فاتينفول.

ومن خلال هذه الشراكة المبدعة بين القطاعين العام والخاص، نجحنا في تحليل قضية الحصول على الطاقة على مستوى العالم وأوصينا في تقريرنا بالتزام المجتمع الدولي بتحقيق هدف حصول كل البشر على مستوى العالم على خدمات الطاقة الحديثة بحلول عام 2030. كما دعا التقرير إلى خفض كثافة استخدام الطاقة العالمية بنسبة 40% بحلول عام 2030، وهو الهدف الذي إذا تحقق فمن شأنه أن يحد من كثافة استخدام الطاقة العالمية بما يقرب من ضعف المعدل التاريخي.

وفي الوقت الحالي تعكف المجموعة الاستشارية للأمين العام للأمم المتحدة لشئون الطاقة وتغير المناخ على دراسة الوسيلة المثلى لتنفيذ الخطة. وكان هذا هو محور تركيز المجموعة في آخر اجتماع لها، والذي انعقد في الخامس عشر من يوليو/تموز في مكسيكو سيتي. ولقد استضافت الاجتماع مؤسسة كارلوس سليم، التي تعمل على دعم أهداف تنمية الألفية في مجالات مثل الصحة، وإزالة الغابات، وسد الفجوة الرقمية.

BLACK FRIDAY SALE: Subscribe for as little as $34.99
BF2024-Onsite-1333x1000

BLACK FRIDAY SALE: Subscribe for as little as $34.99

Subscribe now to gain access to insights and analyses from the world’s leading thinkers – starting at just $34.99 for your first year.

Subscribe Now

ومن المقرر أن تستضيف المكسيك محادثات الأمم المتحدة بشأن المناخ في وقت لاحق من هذا العام، وتعمل المجموعة الاستشارية للأمين العام للأمم المتحدة لشئون الطاقة وتغير المناخ بالتعاون مع وزارة الطاقة في البلاد على ضمان تبني المحادثات لتوجه جيد التنسيق وفعّال.

إن المتطلبات المالية اللازمة لضمان وصول الطاقة إلى مختلف أنحاء العالم ضخمة، ولكنها لا تبلغ من الضخامة حد التعجيز، وخاصة إذا ما وزِنَت في مقابل الفوائد الهائلة. وطبقاً لتقديرات هيئة الطاقة الدولية فإن ضمان وصول الطاقة الكهربية إلى مختلف أنحاء العالم في غضون العقدين المقبلين سوف يتطلب نحو 10% من إجمالي الاستثمار السنوي في قطاع الطاقة، وهو ما يمكن تدبيره بواسطة القطاع الخاص. والواقع أن هدف وصول الطاقة إلى مختلف أنحاء العالم يشكل فرصة لتأسيس سوق جديدة، ولكن هذه السوق سوف تحتاج إلى الدعم المناسب حتى تتمكن من الازدهار.

إن العديد من تكنولوجيات الطاقة النظيفة أصبحت متاحة بالفعل، وهذا يعني أننا لا نتحدث عن استثمار المليارات في الأبحاث. بل إن الأمر يتطلب نقل التكنولوجيات وتكييفها مع الظروف والاحتياجات المحلية.

ولكن زيادة القدرة على الوصول إلى مصادر الطاقة لا تتمحور حول توفير مواقد طهي أو مصابيح أفضل وأكثر كفاءة فحسب. ذلك أن تشجيع التنمية الاقتصادية والنمو يستلزم عمل خدمات الطاقة أيضاً على النحو الذي يخدم مصلحة خلق الثروات وفرص العمل من خلال تزويد المشاريع بالطاقة وتحسين الرعاية الصحية والتعليم والنقل.

في شهر سبتمبر/أيلول سوف يجتمع زعماء العالم في الأمم المتحدة لتقييم التقدم الذي أحرزته الأهداف الإنمائية للألفية. ورغم أن هذه الأهداف لا تشتمل على مسألة الطاقة، فمن الأهمية بمكان تحقيق أهداف التنمية الأخرى، وخاصة تلك المتعلقة بالفقر والجوع، والتعليم الشامل، والاستدامة البيئية.

إن الحكومات لن تتمكن وحدها من التعامل مع كل هذه التحديات. والحق أننا في حاجة ماسة إلى التزام راسخ من قِبَل كافة الأطراف: شركات القطاع الخاص، والأوساط الأكاديمية، والمجتمع المدني، والمنظمات الدولية وغير الحكومية.

إن عام 2030 هو الموعد النهائي لتحقيق هدف وصول الطاقة إلى مختلف أنحاء العالم، فهل تنظم إلينا في تحقيق هذا المسعى؟

https://prosyn.org/2UBDXw0ar