دار السلام - يقال إن أسبوعا واحدا في السياسة يعد وقتا طويلا. وكان هذا هو الحال بالتأكيد في نهاية الشهر الماضي، عندما قررت المملكة المتحدة في لمح البصر مغادرة الاٍتحاد الأوروبي، وقد أعلن رئيس وزرائها، ديفيد كاميرون، استقالته، أما بريطانيا وأوروبا، ناهيك عن الأسواق العالمية ، فقد وجدت نفسها في حالة من الفوضى.
لكن عندما يتعلق الأمر بالتعليم، على عكس السياسة، يمكن أن يمر أسبوع في غمضة عين. ويحدث التغيير بعد سنوات، إذا لم يكن عقود - وربما بعد ذلك. لكن اٍذا كٌلل النظام التعليمي بالنجاح وعمل بشكل جيد فبإمكانه أن يغير وجه البلاد - ويعيد تحديد مصيرها.
هذا هو ما حدث في بلدي، تنزانيا. من عام 2000 إلى عام 2009،حيث تضاعفت معدلات الاٍلتحاق بالمدارس الاٍبتدائية في تنزانيا ، من أربعة ملايين تلميذ اٍلى 8.5 مليون، أي 96٪ من جميع الأطفال الذين هم في سن الدراسة الاٍبتدائية. وبعبارة أخرى، في المرحلة الاٍبتدائية. وتفتخر تنزانيا الآن بتمدرس أطفالها على نحو شبه كامل.
ويمكن تسجيل تقدم مماثل في المرحلة الثانوية. في الواقع، خلال نفس الفترة لمدة تسعة أعوام، زاد عدد المدارس الثانوية في تنزانيا أكثر من أربعة أضعاف، من 927 إلى 4102، وارتفع الاٍلتحاق بالمدارس، من ما يزيد قليلا عن 250.000 طالب إلى ما يقرب من 1.5 مليون.
ما الذي تغير؟ باختصار، يمكننا القول إن قادة تنزانيا تغيروا، وأنا من بينهم، وأدركوا الأهمية الكبيرة لنظام تعليمي قوي - وقد التزمنا ببناء نظام ناجح.
بطبيعة الحال، فإن قلة قليلة هي من تقول إن التعليم ليس مهما. ولكن، عندما تعمل الحكومات على توفير فقط ضروريات أساسية ملموسة - لضمان حصول المواطنين على المياه الصالحة للشرب وفسح الطريق لولوج الأسواق والمستشفيات - يمكن للإصلاح التعليمي في كثير من الأحيان أن يبوء بالفشل. وبالنظر إلى ما للتعليم من إمكانيات هائلة لتعزيز آفاق البلد، يعد هذا التوجه خطأ في حد ذاته.
At a time when democracy is under threat, there is an urgent need for incisive, informed analysis of the issues and questions driving the news – just what PS has always provided. Subscribe now and save $50 on a new subscription.
Subscribe Now
فهذا الفهم هو الذي دفعني، بصفتي رئيسا لتنزانيا، أن أعطي التعليم أولى الأولويات. وهذا لم يكن قرارا سهلا. كنت أعرف أن بعض الناس سيعارضون هذا النهج، إذ يفضلون تخصيص المزيد من الميزانية العامة المحدودة في تنزانيا لبناء الطرق السريعة الواسعة أو مباني حكومية شامخة، أو توسيع الجيش.
لكنني علمت أيضا أن الاٍستثمار في التعليم يعني الاٍستثمار في مستقبل بلدي، لذلك قررت أنه بدلا من اٍنفاق الكثير من المال، وأحيانا دون فائدة، في المجالات الأخرى، أن أخصص نسبة 20٪ من الميزانية السنوية للتعليم. وقد اعتمدت تلك الأموال ليس فقط لبناء المزيد من المدارس، ولكن أيضا لبناء مدارس أفضل، من خلال الاٍستثمار في المعلمين، والكتب، والتكنولوجيا. وبعد كل شيء، فإن تسجيل المزيد من الأطفال في المدارس لا يعني الكثير إذا لم نقدم لهم كل الأدوات التي يحتاجونها لتحقيق النجاح.
ويمكن أن تصبح تنزانيا نموذجا مفيدا للدول الأخرى التي تسعى إلى ترقية أنظمتها التعليمية. ولكن، على الرغم من أننا حققنا نجاحا كبيرا بميزانية محدودة، فالتحدي الذي تشكله القيود المالية ينبغي أن يأخذ بعين الاٍعتبار - خاصة بالنسبة للبلدان ذات الدخل المنخفض والمتوسط، غالبا في أفريقيا، والتي تواجه أكبر التحديات التعليمية اليوم.
كعضو في اللجنة الدولية لتمويل فرص التعليم العالمي، لقد رأيت بنفسي مدى رغبة الحكومات في وضع التعليم على رأس قائمة أولوياتها لكنها أحبطت بسبب الخوف من النقص في الميزانية والضغوط الداخلية. ونتيجة لذلك، يتم تأجيله تحقيق تعليم اٍبتدائي شامل على الدوام.
عندما تلتزم الحكومة بتحسين مستوى التعليم، فهي تراهن على أن تزويد مواطنيها بالمعرفة الضرورية لواجهة مستقبل مجهول سوف يسفر عن تقدم واسع النطاق على صعيد المجتمع. وهذا أمر جيد، ليس فقط بالنسبة للبلاد نفسها، ولكن أيضا للدول المجاورة لأن المنطقة كلها لن تكون مفيدة إلا إذا أصبحت أكثر استقرارا وازدهارا. في الواقع، نظرا لترابط الاٍقتصاد العالمي اليوم، فالتعليم الجيد في بلد ما يمكن أن يحقق فوائد في بلدان أخرى خارج الحدود الإقليمية.
ومن الواضح أن المجتمع الدولي له مصلحة في دعم أي حكومة ستتخذ قرارا واضحا ، رغم صعوبته، لوضع التعليم في صدارة جدول أعمالها. وبفضل القيادة الحكيمة لرئيسة الوزراء النرويجية إرنا سولبرغ، تلقى هذه الحتمية الاٍهتمام الذي تستحقه. في الواقع، سيكون هذا الإشكال موضوعا رئيسيا في قمة لجنة التمويل هذا الأسبوع في أوسلو.
و أثبتت تجربة تنزانيا أن تحويل نظام التعليم في بلد ما مسألة ممكنة، حتى لو كان هذا البلد يواجه قيودا مالية شديدة. فالأمر ليس سريعا أو سهلا، وغالبا ما يتطلب مقايضات صعبة. ولكن مع التزام قوي ومستدام بوعد تعليم ابتدائي وثانوي شامل – وقليلا من الدعم الدولي - يمكن للحكومات ضمان حياة أكثر سعادة وازدهارا للشباب في بلدانهم. ونأمل أن تكون تنزانيا الأولى في قائمة الدول التي تضع التعليم في المرتبة الأولى.
To have unlimited access to our content including in-depth commentaries, book reviews, exclusive interviews, PS OnPoint and PS The Big Picture, please subscribe
Recent developments that look like triumphs of religious fundamentalism represent not a return of religion in politics, but simply the return of the political as such. If they look foreign to Western eyes, that is because the West no longer stands for anything Westerners are willing to fight and die for.
thinks the prosperous West no longer understands what genuine political struggle looks like.
Readers seeking a self-critical analysis of the former German chancellor’s 16-year tenure will be disappointed by her long-awaited memoir, as she offers neither a mea culpa nor even an acknowledgment of her missteps. Still, the book provides a rare glimpse into the mind of a remarkable politician.
highlights how and why the former German chancellor’s legacy has soured in the three years since she left power.
دار السلام - يقال إن أسبوعا واحدا في السياسة يعد وقتا طويلا. وكان هذا هو الحال بالتأكيد في نهاية الشهر الماضي، عندما قررت المملكة المتحدة في لمح البصر مغادرة الاٍتحاد الأوروبي، وقد أعلن رئيس وزرائها، ديفيد كاميرون، استقالته، أما بريطانيا وأوروبا، ناهيك عن الأسواق العالمية ، فقد وجدت نفسها في حالة من الفوضى.
لكن عندما يتعلق الأمر بالتعليم، على عكس السياسة، يمكن أن يمر أسبوع في غمضة عين. ويحدث التغيير بعد سنوات، إذا لم يكن عقود - وربما بعد ذلك. لكن اٍذا كٌلل النظام التعليمي بالنجاح وعمل بشكل جيد فبإمكانه أن يغير وجه البلاد - ويعيد تحديد مصيرها.
هذا هو ما حدث في بلدي، تنزانيا. من عام 2000 إلى عام 2009،حيث تضاعفت معدلات الاٍلتحاق بالمدارس الاٍبتدائية في تنزانيا ، من أربعة ملايين تلميذ اٍلى 8.5 مليون، أي 96٪ من جميع الأطفال الذين هم في سن الدراسة الاٍبتدائية. وبعبارة أخرى، في المرحلة الاٍبتدائية. وتفتخر تنزانيا الآن بتمدرس أطفالها على نحو شبه كامل.
ويمكن تسجيل تقدم مماثل في المرحلة الثانوية. في الواقع، خلال نفس الفترة لمدة تسعة أعوام، زاد عدد المدارس الثانوية في تنزانيا أكثر من أربعة أضعاف، من 927 إلى 4102، وارتفع الاٍلتحاق بالمدارس، من ما يزيد قليلا عن 250.000 طالب إلى ما يقرب من 1.5 مليون.
ما الذي تغير؟ باختصار، يمكننا القول إن قادة تنزانيا تغيروا، وأنا من بينهم، وأدركوا الأهمية الكبيرة لنظام تعليمي قوي - وقد التزمنا ببناء نظام ناجح.
بطبيعة الحال، فإن قلة قليلة هي من تقول إن التعليم ليس مهما. ولكن، عندما تعمل الحكومات على توفير فقط ضروريات أساسية ملموسة - لضمان حصول المواطنين على المياه الصالحة للشرب وفسح الطريق لولوج الأسواق والمستشفيات - يمكن للإصلاح التعليمي في كثير من الأحيان أن يبوء بالفشل. وبالنظر إلى ما للتعليم من إمكانيات هائلة لتعزيز آفاق البلد، يعد هذا التوجه خطأ في حد ذاته.
HOLIDAY SALE: PS for less than $0.7 per week
At a time when democracy is under threat, there is an urgent need for incisive, informed analysis of the issues and questions driving the news – just what PS has always provided. Subscribe now and save $50 on a new subscription.
Subscribe Now
فهذا الفهم هو الذي دفعني، بصفتي رئيسا لتنزانيا، أن أعطي التعليم أولى الأولويات. وهذا لم يكن قرارا سهلا. كنت أعرف أن بعض الناس سيعارضون هذا النهج، إذ يفضلون تخصيص المزيد من الميزانية العامة المحدودة في تنزانيا لبناء الطرق السريعة الواسعة أو مباني حكومية شامخة، أو توسيع الجيش.
لكنني علمت أيضا أن الاٍستثمار في التعليم يعني الاٍستثمار في مستقبل بلدي، لذلك قررت أنه بدلا من اٍنفاق الكثير من المال، وأحيانا دون فائدة، في المجالات الأخرى، أن أخصص نسبة 20٪ من الميزانية السنوية للتعليم. وقد اعتمدت تلك الأموال ليس فقط لبناء المزيد من المدارس، ولكن أيضا لبناء مدارس أفضل، من خلال الاٍستثمار في المعلمين، والكتب، والتكنولوجيا. وبعد كل شيء، فإن تسجيل المزيد من الأطفال في المدارس لا يعني الكثير إذا لم نقدم لهم كل الأدوات التي يحتاجونها لتحقيق النجاح.
ويمكن أن تصبح تنزانيا نموذجا مفيدا للدول الأخرى التي تسعى إلى ترقية أنظمتها التعليمية. ولكن، على الرغم من أننا حققنا نجاحا كبيرا بميزانية محدودة، فالتحدي الذي تشكله القيود المالية ينبغي أن يأخذ بعين الاٍعتبار - خاصة بالنسبة للبلدان ذات الدخل المنخفض والمتوسط، غالبا في أفريقيا، والتي تواجه أكبر التحديات التعليمية اليوم.
كعضو في اللجنة الدولية لتمويل فرص التعليم العالمي، لقد رأيت بنفسي مدى رغبة الحكومات في وضع التعليم على رأس قائمة أولوياتها لكنها أحبطت بسبب الخوف من النقص في الميزانية والضغوط الداخلية. ونتيجة لذلك، يتم تأجيله تحقيق تعليم اٍبتدائي شامل على الدوام.
عندما تلتزم الحكومة بتحسين مستوى التعليم، فهي تراهن على أن تزويد مواطنيها بالمعرفة الضرورية لواجهة مستقبل مجهول سوف يسفر عن تقدم واسع النطاق على صعيد المجتمع. وهذا أمر جيد، ليس فقط بالنسبة للبلاد نفسها، ولكن أيضا للدول المجاورة لأن المنطقة كلها لن تكون مفيدة إلا إذا أصبحت أكثر استقرارا وازدهارا. في الواقع، نظرا لترابط الاٍقتصاد العالمي اليوم، فالتعليم الجيد في بلد ما يمكن أن يحقق فوائد في بلدان أخرى خارج الحدود الإقليمية.
ومن الواضح أن المجتمع الدولي له مصلحة في دعم أي حكومة ستتخذ قرارا واضحا ، رغم صعوبته، لوضع التعليم في صدارة جدول أعمالها. وبفضل القيادة الحكيمة لرئيسة الوزراء النرويجية إرنا سولبرغ، تلقى هذه الحتمية الاٍهتمام الذي تستحقه. في الواقع، سيكون هذا الإشكال موضوعا رئيسيا في قمة لجنة التمويل هذا الأسبوع في أوسلو.
و أثبتت تجربة تنزانيا أن تحويل نظام التعليم في بلد ما مسألة ممكنة، حتى لو كان هذا البلد يواجه قيودا مالية شديدة. فالأمر ليس سريعا أو سهلا، وغالبا ما يتطلب مقايضات صعبة. ولكن مع التزام قوي ومستدام بوعد تعليم ابتدائي وثانوي شامل – وقليلا من الدعم الدولي - يمكن للحكومات ضمان حياة أكثر سعادة وازدهارا للشباب في بلدانهم. ونأمل أن تكون تنزانيا الأولى في قائمة الدول التي تضع التعليم في المرتبة الأولى.