ميلانو ـ تعمل الإجراءات التي اتخذتها البنوك المركزية للحد من ارتفاع التضخم على عرقلة النمو بشكل متزايد وتُهدد بدفع الاقتصاد العالمي نحو الركود. لكن السبب المباشر للضغوط التضخمية القائمة هو اختلال التوازن الكبير والواسع النطاق والمستمر بين العرض والطلب. سيؤدي ارتفاع أسعار الفائدة إلى إضعاف الطلب، ولكن يجب أن تلعب إجراءات جانب العرض أيضًا دورًا حاسمًا في استراتيجيات مكافحة التضخم.
وفي العام الماضي، أدى عكس سياسات احتواء الجائحة إلى زيادة متزامنة في الطلب وانكماش العرض. ورغم أن هذا كان أمرًا متوقعًا، فقد ثبت أن العرض غير مرن بشكل مفاجئ. ففي أسواق العمل، على سبيل المثال، أصبح العجز هو القاعدة، الأمر الذي أدى إلى إلغاء الرحلات الجوية وتعطل سلاسل التوريد وإغلاق المطاعم والتحديات التي تواجه تقديم الرعاية الصحية.
يبدو أن هذا النقص ناتج جزئيًا على الأقل عن تحول في التفضيلات الناجم عن اندلاع الجائحة. يسعى العديد من العمال إلى قدر أكبر من المرونة - بما في ذلك خيارات العمل المختلط أو العمل من المنزل - أو تحسين ظروف العمل. يُفيد العاملون في مجال الرعاية الصحية، على وجه الخصوص، بأنهم يشعرون بالإجهاد الشديد بسبب وظائفهم.
إذا كان هذا الأمر صحيحًا، فيجب أن تتضمن صورة التضخم تعديلاً في تكاليف العمالة النسبية. ومن أجل تحقيق التوازن في الأسواق، ستكون هناك حاجة إلى زيادات في الأجور والدخل، حتى بالنسبة للوظائف التي كان المعروض منها من العُمال وفيرًا في السابق.
من شأن هذا التحول أن يُولد بعض الضغوط التضخمية. صحيح أن الأسعار والأجور الاسمية تتسم بمرونة نسبية محدودة، ولكن في وقت يتسم بزيادة الطلب، تحاول الشركات عمومًا تمرير تكاليف أعلى من خلال رفع الأسعار - وغالبًا ما تفلت من العقاب، على الأقل لفترة من الوقت.
إن التحديات المستمرة المرتبطة بالجائحة، خاصة في الصين التي لا تزال ملتزمة بسياستها الخاصة ببلوغ صفر إصابات بفيروس كوفيد 19، تؤدي أيضًا إلى زيادة التضخم. لكن هذه العوائق ستتلاشى في نهاية المطاف، وكذلك القيود المفروضة على القدرات القصيرة والمتوسطة الأجل الناجمة عن التحولات في تكوين الطلب (سواء من حيث المنتجات والجغرافيا)، على الرغم من أن بعضها سيستمر لفترة من الوقت. يستغرق بناء القدرة وقتًا طويلاً - سواء في الموانئ أو أشباه الموصلات.
At a time when democracy is under threat, there is an urgent need for incisive, informed analysis of the issues and questions driving the news – just what PS has always provided. Subscribe now and save $50 on a new subscription.
Subscribe Now
ومع ذلك، يُولد التضخم الحالي تحديات أكثر عمقًا. فعلى مدى العقود العديدة الماضية، أدى تنشيط كميات هائلة من العمالة والقدرة الإنتاجية غير المُستغلة بشكل كافٍ في الاقتصادات الناشئة إلى توليد ضغوط انكماشية. ومع استنفاد هذه الموارد الآن إلى حد كبير، من المقرر أن ترتفع الأسعار النسبية للعديد من السلع الأساسية.
علاوة على ذلك، هناك دافع عالمي لتنويع سلاسل العرض والطلب، وفي بعض الحالات، إضفاء الطابع المحلي عليها - استجابة لتواتر الصدمات الشديدة والتوترات الجيوسياسية المتصاعدة. إن الاقتصاد العالمي الأكثر مرونة يُعد أكثر تكلفة، وسوف تعكس الأسعار ذلك.
لم تُسرّع الحرب في أوكرانيا هذا التحول في سلسلة الإمداد فحسب، بل تسببت أيضًا في ارتفاع أسعار الطاقة والغذاء، مما زاد من تفاقم التضخم، لاسيما في البلدان منخفضة الدخل. في حالة الوقود الأحفوري، أدى نمط سابق من نقص الاستثمار في القدرات في نقاط متعددة على طول سلسلة التوريد إلى تفاقم المشكلة.
ولكن المسألة لم تنته عند هذا الحد. في الواقع، يتم إنتاج أكثر من 75٪ من الناتج المحلي الإجمالي العالمي في البلدان التي تشهد شيخوخة سكانية مرتفعة. تعرف معدلات إعالة المُسنين ارتفاعًا مُستمرًا، وفي بعض البلدان، تتقلص نسبة القوى العاملة. يمكن أن تواجه مكاسب الإنتاجية انكماش عرض العمالة مقارنة بالطلب، ولكن بعد ما يقرب من عقدين من انخفاض نمو الإنتاجية، فإن هذه المكاسب لن تتحقق.
لذلك، ترتفع معدلات التضخم بسرعة، وتتعرض البنوك المركزية لضغوط لاتخاذ إجراءات صارمة. ومع ذلك، يتمثل خيارها الحقيقي الوحيد في خفض الطلب عن طريق رفع أسعار الفائدة وسحب السيولة. وقد حفزت هذه التدابير بالفعل على إعادة تسعير هائلة للأصول، بما في ذلك العملات، كما تُهدد بدفع النمو العالمي إلى ما دون المستوى الممكن تحقيقه، مع معاناة الاقتصادات ذات الدخل المنخفض بشكل غير متناسب، والحد من الاستثمار في عملية الانتقال إلى مصادر الطاقة المُتجددة.
هناك طريقة أخرى، والمتمثلة في تدابير جانب العرض. لقد مكّنت التجارة والاستثمار منذ فترة طويلة العرض من التوسع السريع استجابة للطلب العالمي المتزايد. ولكن على مدار ما يقرب من عقدين من الزمان - وخاصة في السنوات القليلة الماضية - أضاف انتشار الحواجز التجارية المزيد من الاحتكاك إلى هذه العملية. يجب عكس النزعة الحمائية، مع قيام الرئيس الأمريكي جو بايدن بإلغاء التعريفات التي فرضها سلفه دونالد ترامب، وقيام أوروبا بتسريع تكامل أسواق خدماتها.
وفي الوقت نفسه، يجب بذل المزيد من الجهود لتحسين الإنتاجية. سوف تُشكل التقنيات الرقمية أهمية بالغة في هذه المرحلة. بينما ساعدت الجائحة في تسريع التحول الرقمي، فإن العديد من القطاعات - بما في ذلك القطاع العام - لا زالت متخلفة، ولا تزال المخاوف بشأن آثار التشغيل الآلي على التوظيف قائمة.
ومع ذلك، في عالم يتسم بقيود العرض والنقص المستمر في اليد العاملة، فإن التقنيات الرقمية المُعززة للإنتاجية، جنبًا إلى جنب مع ارتفاع أجور العمال، ستقطع شوطًا طويلاً نحو تحسين التوازن بين العرض والطلب. على سبيل المثال، يمكن للأدوات القائمة على الذكاء الاصطناعي أداء مجموعة واسعة من الوظائف، من فحص الأمتعة بكفاءة أكبر في المطارات إلى تحليل التصوير الطبي للكشف عن السرطانات. وإلى جانب التكنولوجيات الرقمية، يمكن تبسيط وتحسين الأنظمة التنظيمية من أجل تقليل العقبات على مستوى العرض.
يجب تطبيق هذه الأجندة على كل من القطاعين العام والخاص. وعلى الصعيد الدولي، سيكون من الضروري بذل مزيد من الجهود لتسهيل التجارة ومعالجة أوجه الجمود في سلسلة الإمدادات وسد فجوات البيانات. وبخلاف ذلك، ستعمل البنوك المركزية على مواجهة التضخم بمفردها - مع ما قد يترتب على ذلك من عواقب وخيمة على الاقتصاد العالمي بأكمله.
To have unlimited access to our content including in-depth commentaries, book reviews, exclusive interviews, PS OnPoint and PS The Big Picture, please subscribe
No matter how committed Donald Trump and his oligarch cronies are to a tax cut, the laws of arithmetic cannot be repealed. If only a handful of Republican lawmakers keep their promise not to increase the US budget deficit, there is no way that the incoming administration can enact its economic agenda and keep the government running.
points out that no amount of bluster or strong-arming can overcome the laws of arithmetic.
The US president-elect's signature policies will do almost nothing positive for less educated Americans or significantly improve the lives of most others. The rich will get richer, the richest will get a lot richer, and everyone else will contend with higher inflation, cuts to public services, and the effects of runaway deregulation.
explains why reality is unlikely to come close to matching the US president-elect's rhetoric.
ميلانو ـ تعمل الإجراءات التي اتخذتها البنوك المركزية للحد من ارتفاع التضخم على عرقلة النمو بشكل متزايد وتُهدد بدفع الاقتصاد العالمي نحو الركود. لكن السبب المباشر للضغوط التضخمية القائمة هو اختلال التوازن الكبير والواسع النطاق والمستمر بين العرض والطلب. سيؤدي ارتفاع أسعار الفائدة إلى إضعاف الطلب، ولكن يجب أن تلعب إجراءات جانب العرض أيضًا دورًا حاسمًا في استراتيجيات مكافحة التضخم.
وفي العام الماضي، أدى عكس سياسات احتواء الجائحة إلى زيادة متزامنة في الطلب وانكماش العرض. ورغم أن هذا كان أمرًا متوقعًا، فقد ثبت أن العرض غير مرن بشكل مفاجئ. ففي أسواق العمل، على سبيل المثال، أصبح العجز هو القاعدة، الأمر الذي أدى إلى إلغاء الرحلات الجوية وتعطل سلاسل التوريد وإغلاق المطاعم والتحديات التي تواجه تقديم الرعاية الصحية.
يبدو أن هذا النقص ناتج جزئيًا على الأقل عن تحول في التفضيلات الناجم عن اندلاع الجائحة. يسعى العديد من العمال إلى قدر أكبر من المرونة - بما في ذلك خيارات العمل المختلط أو العمل من المنزل - أو تحسين ظروف العمل. يُفيد العاملون في مجال الرعاية الصحية، على وجه الخصوص، بأنهم يشعرون بالإجهاد الشديد بسبب وظائفهم.
إذا كان هذا الأمر صحيحًا، فيجب أن تتضمن صورة التضخم تعديلاً في تكاليف العمالة النسبية. ومن أجل تحقيق التوازن في الأسواق، ستكون هناك حاجة إلى زيادات في الأجور والدخل، حتى بالنسبة للوظائف التي كان المعروض منها من العُمال وفيرًا في السابق.
من شأن هذا التحول أن يُولد بعض الضغوط التضخمية. صحيح أن الأسعار والأجور الاسمية تتسم بمرونة نسبية محدودة، ولكن في وقت يتسم بزيادة الطلب، تحاول الشركات عمومًا تمرير تكاليف أعلى من خلال رفع الأسعار - وغالبًا ما تفلت من العقاب، على الأقل لفترة من الوقت.
إن التحديات المستمرة المرتبطة بالجائحة، خاصة في الصين التي لا تزال ملتزمة بسياستها الخاصة ببلوغ صفر إصابات بفيروس كوفيد 19، تؤدي أيضًا إلى زيادة التضخم. لكن هذه العوائق ستتلاشى في نهاية المطاف، وكذلك القيود المفروضة على القدرات القصيرة والمتوسطة الأجل الناجمة عن التحولات في تكوين الطلب (سواء من حيث المنتجات والجغرافيا)، على الرغم من أن بعضها سيستمر لفترة من الوقت. يستغرق بناء القدرة وقتًا طويلاً - سواء في الموانئ أو أشباه الموصلات.
HOLIDAY SALE: PS for less than $0.7 per week
At a time when democracy is under threat, there is an urgent need for incisive, informed analysis of the issues and questions driving the news – just what PS has always provided. Subscribe now and save $50 on a new subscription.
Subscribe Now
ومع ذلك، يُولد التضخم الحالي تحديات أكثر عمقًا. فعلى مدى العقود العديدة الماضية، أدى تنشيط كميات هائلة من العمالة والقدرة الإنتاجية غير المُستغلة بشكل كافٍ في الاقتصادات الناشئة إلى توليد ضغوط انكماشية. ومع استنفاد هذه الموارد الآن إلى حد كبير، من المقرر أن ترتفع الأسعار النسبية للعديد من السلع الأساسية.
علاوة على ذلك، هناك دافع عالمي لتنويع سلاسل العرض والطلب، وفي بعض الحالات، إضفاء الطابع المحلي عليها - استجابة لتواتر الصدمات الشديدة والتوترات الجيوسياسية المتصاعدة. إن الاقتصاد العالمي الأكثر مرونة يُعد أكثر تكلفة، وسوف تعكس الأسعار ذلك.
لم تُسرّع الحرب في أوكرانيا هذا التحول في سلسلة الإمداد فحسب، بل تسببت أيضًا في ارتفاع أسعار الطاقة والغذاء، مما زاد من تفاقم التضخم، لاسيما في البلدان منخفضة الدخل. في حالة الوقود الأحفوري، أدى نمط سابق من نقص الاستثمار في القدرات في نقاط متعددة على طول سلسلة التوريد إلى تفاقم المشكلة.
ولكن المسألة لم تنته عند هذا الحد. في الواقع، يتم إنتاج أكثر من 75٪ من الناتج المحلي الإجمالي العالمي في البلدان التي تشهد شيخوخة سكانية مرتفعة. تعرف معدلات إعالة المُسنين ارتفاعًا مُستمرًا، وفي بعض البلدان، تتقلص نسبة القوى العاملة. يمكن أن تواجه مكاسب الإنتاجية انكماش عرض العمالة مقارنة بالطلب، ولكن بعد ما يقرب من عقدين من انخفاض نمو الإنتاجية، فإن هذه المكاسب لن تتحقق.
لذلك، ترتفع معدلات التضخم بسرعة، وتتعرض البنوك المركزية لضغوط لاتخاذ إجراءات صارمة. ومع ذلك، يتمثل خيارها الحقيقي الوحيد في خفض الطلب عن طريق رفع أسعار الفائدة وسحب السيولة. وقد حفزت هذه التدابير بالفعل على إعادة تسعير هائلة للأصول، بما في ذلك العملات، كما تُهدد بدفع النمو العالمي إلى ما دون المستوى الممكن تحقيقه، مع معاناة الاقتصادات ذات الدخل المنخفض بشكل غير متناسب، والحد من الاستثمار في عملية الانتقال إلى مصادر الطاقة المُتجددة.
هناك طريقة أخرى، والمتمثلة في تدابير جانب العرض. لقد مكّنت التجارة والاستثمار منذ فترة طويلة العرض من التوسع السريع استجابة للطلب العالمي المتزايد. ولكن على مدار ما يقرب من عقدين من الزمان - وخاصة في السنوات القليلة الماضية - أضاف انتشار الحواجز التجارية المزيد من الاحتكاك إلى هذه العملية. يجب عكس النزعة الحمائية، مع قيام الرئيس الأمريكي جو بايدن بإلغاء التعريفات التي فرضها سلفه دونالد ترامب، وقيام أوروبا بتسريع تكامل أسواق خدماتها.
وفي الوقت نفسه، يجب بذل المزيد من الجهود لتحسين الإنتاجية. سوف تُشكل التقنيات الرقمية أهمية بالغة في هذه المرحلة. بينما ساعدت الجائحة في تسريع التحول الرقمي، فإن العديد من القطاعات - بما في ذلك القطاع العام - لا زالت متخلفة، ولا تزال المخاوف بشأن آثار التشغيل الآلي على التوظيف قائمة.
ومع ذلك، في عالم يتسم بقيود العرض والنقص المستمر في اليد العاملة، فإن التقنيات الرقمية المُعززة للإنتاجية، جنبًا إلى جنب مع ارتفاع أجور العمال، ستقطع شوطًا طويلاً نحو تحسين التوازن بين العرض والطلب. على سبيل المثال، يمكن للأدوات القائمة على الذكاء الاصطناعي أداء مجموعة واسعة من الوظائف، من فحص الأمتعة بكفاءة أكبر في المطارات إلى تحليل التصوير الطبي للكشف عن السرطانات. وإلى جانب التكنولوجيات الرقمية، يمكن تبسيط وتحسين الأنظمة التنظيمية من أجل تقليل العقبات على مستوى العرض.
يجب تطبيق هذه الأجندة على كل من القطاعين العام والخاص. وعلى الصعيد الدولي، سيكون من الضروري بذل مزيد من الجهود لتسهيل التجارة ومعالجة أوجه الجمود في سلسلة الإمدادات وسد فجوات البيانات. وبخلاف ذلك، ستعمل البنوك المركزية على مواجهة التضخم بمفردها - مع ما قد يترتب على ذلك من عواقب وخيمة على الاقتصاد العالمي بأكمله.