نيويورك ــ تخيل أننا نعيش في عالَم حيث تتولى شبكة عالمية من المهنيين الطبيين رصد ومراقبة السلالات الناشئة من الفيروسات المعدية، وتعمل بشكل دوري على تحديث صيغة راسخة للتطعيم ضد هذه الفيروسات، ثم تتيح هذه المعلومات للشركات والدول في مختلف أنحاء العالم. تخيل فضلا عن ذلك أن هذا العمل يُـدار دون أي اعتبارات تتعلق بالملكية الفكرية، وفي غياب أي احتكارات صيدلانية تستغل جمهورا يائسا لتعظيم أرباحها.
ربما يبدو هذا وكأنه خيال مثالي، لكنه في حقيقة الأمر وصف واقعي للكيفية التي أنتج بها لقاح الإنفلونزا على مدار السنوات الخمسين الماضية. تحت مظلة النظام العالمي لمراقبة الإنفلونزا والاستجابة لها التابع لمنظمة الصحة العالمية، يجتمع الخبراء من مختلف أنحاء العالم مرتين كل عام لتحليل ومناقشة أحدث البيانات حول سلالات الإنفلونزا الناشئة، وتحديد السلالات التي يجب إدراجها ضمن لقاح كل عام. باعتبار هذا النظام شبكة من المختبرات تمتد عبر 110 دولة وتمولها حكومات بشكل كامل تقريبا (وجزئيا من قِبَل مؤسسات)، فإنه يشكل صورة مصغرة مما تسميه إيمي كابتشينسكي من كلية الحقوق في جامعة ييل "الـعِـلم المفتوح".
ولأن النظام العالمي لمراقبة الإنفلونزا والاستجابة لها يركز فقط على حماية أرواح البشر، وليس تحقيق الربح، فإنه قادر بشكل فريد على جمع، وتفسير، وتوزيع المعرفة القابلة للتطبيق في مجال تطوير وإنتاج اللقاحات. ورغم أن هذا النهج ربما اعـتُـبِـر من الـمُـسَـلَّـمات في الماضي، فإن مزاياه تزداد وضوحا بسرعة كبيرة.
في الاستجابة للجائحة، أظهر المجتمع العِـلمي العالمي استعدادا لافتا للنظر لتبادل المعرفة حول العلاجات المحتملة، وتنسيق التجارب السريرية، وتطوير نماذج جديدة بشفافية، ونشر النتائج على الفور. في هذا المناخ الجديد من التعاون، من السهل أن ننسى أن شركات الأدوية التجارية كانت لعقود من الزمن حريصة على خصخصة وحبس المشاعات المعرفية من خلال بسط سيطرتها على الأدوية المنقذة للحياة عن طريق براءات الاختراع غير المبررة، أو العابثة، أو الثانوية، ومن خلال ممارسة الضغوط ضد إجازة وإنتاج العقاقير والأدوية غير المحدودة الملكية.
بعد اندلاع جائحة مرض فيروس كورونا 2019 (كوفيد-19 COVID-19)، بات من الواضح بشكل مؤلم أن مثل هذا الاحتكار يأتي على حساب أرواح البشر. فقد تسببت السيطرة الاحتكارية على التكنولوجيا المستخدمة في اختبار الفيروس في عرقلة النشر السريع لعدد أكبر من مجموعات الاختبار، تماما كما تسببت براءات 441 اختراع مسجلة باسم شركة 3M، والتي وردت بها كلمة "كمامة" أو "N95"، في زيادة حجم الصعوبات التي يواجهها المنتجون في تصنيع أقنعة الوجه من الدرجة الطبية على نطاق واسع. وما يزيد الطين بلة أن براءات الاختراع المتعددة سارية في معظم أنحاء العالم لثلاثة من العلاجات الأكثر تبشيرا لمرض فيروس كورونا 2019 ــ remdesivir، و favipiravir، و lopinavir/ritonavir. وبالفعل تعمل هذه البراءات على منع المنافسة وتهدد القدرة على إتاحة وتوفير الأدوية الجديدة بأسعار معقولة.
الآن، يتعين علينا أن نختار بين سيناريوين للمستقبل. في السيناريو الأول، نستمر على المسار المعتاد، فنعتمد على شركات الأدوية الكبرى، على أمل نجاح أحد العلاجات المحتملة لمرض فيروس كورونا 2019 في اجتياز التجارب السريرية، وظهور تكنولوجيات أخرى للكشف، والاختبار، والوقاية. في هذا المستقبل، تُـعطي براءات الاختراع الموردين الاحتكاريين السيطرة على أغلب هذه الابتكارات. وسوف يحدد الموردون السعر مرتفعا، مما يفرض ضرورة ترشيد وتقنين الرعاية في نهاية المطاف. وفي غياب تدخل قوي من جانب الرأي العام، فسوف تزهق الأرواح، وخاصة في البلدان النامية.
Secure your copy of PS Quarterly: The Year Ahead 2025
Our annual flagship magazine, PS Quarterly: The Year Ahead 2025, has arrived. To gain digital access to all of the magazine’s content, and receive your print copy, subscribe to PS Digital Plus now.
Subscribe Now
تنطبق ذات المشكلة أيضا على أي لقاح محتمل لمرض فيروس كورونا 2019. فعلى عكس لقاح شلل الأطفال الذي اكتشفه جوناس سالك، والذي جرى توفيره بالمجان على الفور، تحمل أغلب اللقاحات التي تنزل إلى الأسواق اليوم براءات اختراع. على سبيل المثال، يكلف اللقاح PCV13، وهو لقاح الالتهاب الرئوي المتعدد السلالات الذي يُـعطى لصِغار الأطفال حاليا، مئات الدولارات، لأنه ملكية احتكارية لشركة فايزر (Pfizer). ورغم أن تحالف اللقاحات جافي يدعم بعض تكاليف اللقاح في البلدان النامية، فلا يزال عدد كبير من الناس غير قادرين على تحمل تكلفته. ففي الهند، تُـسَـجَّـل أكثر من 100 ألف حالة وفاة يمكن منعها بين الأطفال الـرُضَّـع بسبب الالتهاب الرئوي كل عام، في حين يجلب اللقاح ما يقرب من خمسة مليارات من الدولارات من الإيرادات لشركة فايزر سنويا.
في السيناريو المحتمل الثاني للمستقبل، نعترف بأن النظام الحالي ــ حيث تتربح الاحتكارات الخاصة من المعرفة التي تنتجها إلى حد كبير مؤسسات عامة ــ لا يناسب الغرض منه ولا يليق به. فكما زعم دعاة الصحة العامة والمشتغلون بدراستها لفترة طويلة، فإن الاحتكارات تقتل الناس، لأنها تحرمهم من الوصول إلى الأدوية المنقذة للحياة والتي كانت لتتاح لهم لولا ذلك في ظل نظام بديل ــ مثل ذلك الذي يسهل الإنتاج السنوي للقاح الإنفلونزا.
بدأت بالفعل بعض التحركات لصالح أساليب بديلة. على سبيل المثال، دعت حكومة كوستاريكا منظمة الصحة العالمية مؤخرا إلى إنشاء مجمع طوعي من حقوق الملكية الفكرية لعلاجات كوفيد-19، وهذا من شأنه أن يسمح للعديد من الشركات المصنعة بتزويد السوق بعقاقير وأدوات تشخيص جديدة بأسعار معقولة.
الواقع أن تجميع براءات الاختراع ليس فكرة جديدة. فمن خلال مجمع براءات اختراع الأدوية، سعت الأمم المتحدة ومنظمة الصحة العالمية لسنوات إلى زيادة القدرة على الوصول إلى علاجات أمراض مثل نقص المناعة البشرية المكتسبة/الإيدز، والتهاب الكبد الوبائي، والسل، وقد جرى توسيع هذا البرنامج الآن ليشمل كوفيد-19. تشكل مجمعات براءات الاختراع، وصناديق الجوائز، وغير ذلك من أفكار المماثلة، جزءا من أجندة أوسع لإصلاح كيفية إنتاج وإتاحة الأدوية المنقذة للحياة. ويتمثل الهدف في الاستعاضة عن نظام قائم على الاحتكار بآخر يقوم على التعاون والمعرفة المشتركة.
من المؤكد أن بعض المراقين سيزعمون أن أزمة كوفيد-19 فريدة من نوعها، أو أن تهديد الترخيص القسري يشكل وسيلة ضغط كافية للضغط على شركات الأدوية وحملها على حسن التصرف. ولكن بعيدا عن الباحثين على الخطوط الأمامية الذين لا تحفزهم الأرباح في الأمد القريب وحسب، ليس من الواضح ما إذا كانت شركات الأدوية الكبرى تعي مسؤولياتها. في الاستجابة للأزمة الحالية، تقدمت في البداية شركة Gilead، صانعة الدواء remdesivir، بطلب للحصول على وضع "الدواء اليتيم" (دواء جرى تطويره لعلاج حالة طبية نادرة بعينها)، وهذا كان ليمنحها وضعا احتكاريا أقوى وتخفيضات ضريبية بملايين الدولارات. (بعد احتجاجات عامة، سحبت الشركة طلبها).
لقد صدقنا لفترة طويلة أسطورة مفادها إن نظام الملكية الفكرية ضروري. بيد أن النجاح المثبت الذي حققه النظام العالمي لمراقبة الإنفلونزا والاستجابة لها، وغير ذلك من تطبيقات "العلم المفتوح"، توضح تماما أن هذا غير صحيح. ومع ارتفاع حصيلة الأرواح التي يحصدها كوفيد-19، ينبغي لنا أن نتساءل حول الحكمة والدوافع الأخلاقية التي تجعلنا نرضى بنظام يحكم في صمت على مئات الملايين من البشر بالمعاناة والموت كل عام.
الآن حان وقت الاستعانة بنهج جديد. وقد تقدم بالفعل أكاديميون وصناع سياسات بالعديد من المقترحات الواعدة لتوليد إبداعات صيدلانية طبية مفيدة اجتماعيا ــ وليست مربحة وحسب. الحق أن العالَم لم يسبق من قَـبل قَط أن مَـرَّ بلحظة أفضل من لحظتنا الحالية للبدء في وضع هذه الأفكار موضع الممارسة والتنفيذ.
ترجمة: إبراهيم محمد علي Translated by: Ibrahim M. Ali
To have unlimited access to our content including in-depth commentaries, book reviews, exclusive interviews, PS OnPoint and PS The Big Picture, please subscribe
America's president subscribes to a brand of isolationism that has waxed and waned throughout US history, but has its roots in the two-century-old Monroe Doctrine. This is bad news for nearly everyone, because it implies acceptance of a world order based on spheres of influence, as envisioned by China and Russia.
hears echoes of the Monroe Doctrine in the US president's threats to acquire Greenland.
Financial markets and official economic indicators over the past few weeks give policymakers around the world plenty to contemplate. Was the recent spike in bond yields a sufficient warning to Donald Trump and his team, or will they still follow through with inflationary stimulus, tariff, and immigration policies?
wonders if recent market signals will keep the new administration’s radicalism in check.
نيويورك ــ تخيل أننا نعيش في عالَم حيث تتولى شبكة عالمية من المهنيين الطبيين رصد ومراقبة السلالات الناشئة من الفيروسات المعدية، وتعمل بشكل دوري على تحديث صيغة راسخة للتطعيم ضد هذه الفيروسات، ثم تتيح هذه المعلومات للشركات والدول في مختلف أنحاء العالم. تخيل فضلا عن ذلك أن هذا العمل يُـدار دون أي اعتبارات تتعلق بالملكية الفكرية، وفي غياب أي احتكارات صيدلانية تستغل جمهورا يائسا لتعظيم أرباحها.
ربما يبدو هذا وكأنه خيال مثالي، لكنه في حقيقة الأمر وصف واقعي للكيفية التي أنتج بها لقاح الإنفلونزا على مدار السنوات الخمسين الماضية. تحت مظلة النظام العالمي لمراقبة الإنفلونزا والاستجابة لها التابع لمنظمة الصحة العالمية، يجتمع الخبراء من مختلف أنحاء العالم مرتين كل عام لتحليل ومناقشة أحدث البيانات حول سلالات الإنفلونزا الناشئة، وتحديد السلالات التي يجب إدراجها ضمن لقاح كل عام. باعتبار هذا النظام شبكة من المختبرات تمتد عبر 110 دولة وتمولها حكومات بشكل كامل تقريبا (وجزئيا من قِبَل مؤسسات)، فإنه يشكل صورة مصغرة مما تسميه إيمي كابتشينسكي من كلية الحقوق في جامعة ييل "الـعِـلم المفتوح".
ولأن النظام العالمي لمراقبة الإنفلونزا والاستجابة لها يركز فقط على حماية أرواح البشر، وليس تحقيق الربح، فإنه قادر بشكل فريد على جمع، وتفسير، وتوزيع المعرفة القابلة للتطبيق في مجال تطوير وإنتاج اللقاحات. ورغم أن هذا النهج ربما اعـتُـبِـر من الـمُـسَـلَّـمات في الماضي، فإن مزاياه تزداد وضوحا بسرعة كبيرة.
في الاستجابة للجائحة، أظهر المجتمع العِـلمي العالمي استعدادا لافتا للنظر لتبادل المعرفة حول العلاجات المحتملة، وتنسيق التجارب السريرية، وتطوير نماذج جديدة بشفافية، ونشر النتائج على الفور. في هذا المناخ الجديد من التعاون، من السهل أن ننسى أن شركات الأدوية التجارية كانت لعقود من الزمن حريصة على خصخصة وحبس المشاعات المعرفية من خلال بسط سيطرتها على الأدوية المنقذة للحياة عن طريق براءات الاختراع غير المبررة، أو العابثة، أو الثانوية، ومن خلال ممارسة الضغوط ضد إجازة وإنتاج العقاقير والأدوية غير المحدودة الملكية.
بعد اندلاع جائحة مرض فيروس كورونا 2019 (كوفيد-19 COVID-19)، بات من الواضح بشكل مؤلم أن مثل هذا الاحتكار يأتي على حساب أرواح البشر. فقد تسببت السيطرة الاحتكارية على التكنولوجيا المستخدمة في اختبار الفيروس في عرقلة النشر السريع لعدد أكبر من مجموعات الاختبار، تماما كما تسببت براءات 441 اختراع مسجلة باسم شركة 3M، والتي وردت بها كلمة "كمامة" أو "N95"، في زيادة حجم الصعوبات التي يواجهها المنتجون في تصنيع أقنعة الوجه من الدرجة الطبية على نطاق واسع. وما يزيد الطين بلة أن براءات الاختراع المتعددة سارية في معظم أنحاء العالم لثلاثة من العلاجات الأكثر تبشيرا لمرض فيروس كورونا 2019 ــ remdesivir، و favipiravir، و lopinavir/ritonavir. وبالفعل تعمل هذه البراءات على منع المنافسة وتهدد القدرة على إتاحة وتوفير الأدوية الجديدة بأسعار معقولة.
الآن، يتعين علينا أن نختار بين سيناريوين للمستقبل. في السيناريو الأول، نستمر على المسار المعتاد، فنعتمد على شركات الأدوية الكبرى، على أمل نجاح أحد العلاجات المحتملة لمرض فيروس كورونا 2019 في اجتياز التجارب السريرية، وظهور تكنولوجيات أخرى للكشف، والاختبار، والوقاية. في هذا المستقبل، تُـعطي براءات الاختراع الموردين الاحتكاريين السيطرة على أغلب هذه الابتكارات. وسوف يحدد الموردون السعر مرتفعا، مما يفرض ضرورة ترشيد وتقنين الرعاية في نهاية المطاف. وفي غياب تدخل قوي من جانب الرأي العام، فسوف تزهق الأرواح، وخاصة في البلدان النامية.
Secure your copy of PS Quarterly: The Year Ahead 2025
Our annual flagship magazine, PS Quarterly: The Year Ahead 2025, has arrived. To gain digital access to all of the magazine’s content, and receive your print copy, subscribe to PS Digital Plus now.
Subscribe Now
تنطبق ذات المشكلة أيضا على أي لقاح محتمل لمرض فيروس كورونا 2019. فعلى عكس لقاح شلل الأطفال الذي اكتشفه جوناس سالك، والذي جرى توفيره بالمجان على الفور، تحمل أغلب اللقاحات التي تنزل إلى الأسواق اليوم براءات اختراع. على سبيل المثال، يكلف اللقاح PCV13، وهو لقاح الالتهاب الرئوي المتعدد السلالات الذي يُـعطى لصِغار الأطفال حاليا، مئات الدولارات، لأنه ملكية احتكارية لشركة فايزر (Pfizer). ورغم أن تحالف اللقاحات جافي يدعم بعض تكاليف اللقاح في البلدان النامية، فلا يزال عدد كبير من الناس غير قادرين على تحمل تكلفته. ففي الهند، تُـسَـجَّـل أكثر من 100 ألف حالة وفاة يمكن منعها بين الأطفال الـرُضَّـع بسبب الالتهاب الرئوي كل عام، في حين يجلب اللقاح ما يقرب من خمسة مليارات من الدولارات من الإيرادات لشركة فايزر سنويا.
في السيناريو المحتمل الثاني للمستقبل، نعترف بأن النظام الحالي ــ حيث تتربح الاحتكارات الخاصة من المعرفة التي تنتجها إلى حد كبير مؤسسات عامة ــ لا يناسب الغرض منه ولا يليق به. فكما زعم دعاة الصحة العامة والمشتغلون بدراستها لفترة طويلة، فإن الاحتكارات تقتل الناس، لأنها تحرمهم من الوصول إلى الأدوية المنقذة للحياة والتي كانت لتتاح لهم لولا ذلك في ظل نظام بديل ــ مثل ذلك الذي يسهل الإنتاج السنوي للقاح الإنفلونزا.
بدأت بالفعل بعض التحركات لصالح أساليب بديلة. على سبيل المثال، دعت حكومة كوستاريكا منظمة الصحة العالمية مؤخرا إلى إنشاء مجمع طوعي من حقوق الملكية الفكرية لعلاجات كوفيد-19، وهذا من شأنه أن يسمح للعديد من الشركات المصنعة بتزويد السوق بعقاقير وأدوات تشخيص جديدة بأسعار معقولة.
الواقع أن تجميع براءات الاختراع ليس فكرة جديدة. فمن خلال مجمع براءات اختراع الأدوية، سعت الأمم المتحدة ومنظمة الصحة العالمية لسنوات إلى زيادة القدرة على الوصول إلى علاجات أمراض مثل نقص المناعة البشرية المكتسبة/الإيدز، والتهاب الكبد الوبائي، والسل، وقد جرى توسيع هذا البرنامج الآن ليشمل كوفيد-19. تشكل مجمعات براءات الاختراع، وصناديق الجوائز، وغير ذلك من أفكار المماثلة، جزءا من أجندة أوسع لإصلاح كيفية إنتاج وإتاحة الأدوية المنقذة للحياة. ويتمثل الهدف في الاستعاضة عن نظام قائم على الاحتكار بآخر يقوم على التعاون والمعرفة المشتركة.
من المؤكد أن بعض المراقين سيزعمون أن أزمة كوفيد-19 فريدة من نوعها، أو أن تهديد الترخيص القسري يشكل وسيلة ضغط كافية للضغط على شركات الأدوية وحملها على حسن التصرف. ولكن بعيدا عن الباحثين على الخطوط الأمامية الذين لا تحفزهم الأرباح في الأمد القريب وحسب، ليس من الواضح ما إذا كانت شركات الأدوية الكبرى تعي مسؤولياتها. في الاستجابة للأزمة الحالية، تقدمت في البداية شركة Gilead، صانعة الدواء remdesivir، بطلب للحصول على وضع "الدواء اليتيم" (دواء جرى تطويره لعلاج حالة طبية نادرة بعينها)، وهذا كان ليمنحها وضعا احتكاريا أقوى وتخفيضات ضريبية بملايين الدولارات. (بعد احتجاجات عامة، سحبت الشركة طلبها).
لقد صدقنا لفترة طويلة أسطورة مفادها إن نظام الملكية الفكرية ضروري. بيد أن النجاح المثبت الذي حققه النظام العالمي لمراقبة الإنفلونزا والاستجابة لها، وغير ذلك من تطبيقات "العلم المفتوح"، توضح تماما أن هذا غير صحيح. ومع ارتفاع حصيلة الأرواح التي يحصدها كوفيد-19، ينبغي لنا أن نتساءل حول الحكمة والدوافع الأخلاقية التي تجعلنا نرضى بنظام يحكم في صمت على مئات الملايين من البشر بالمعاناة والموت كل عام.
الآن حان وقت الاستعانة بنهج جديد. وقد تقدم بالفعل أكاديميون وصناع سياسات بالعديد من المقترحات الواعدة لتوليد إبداعات صيدلانية طبية مفيدة اجتماعيا ــ وليست مربحة وحسب. الحق أن العالَم لم يسبق من قَـبل قَط أن مَـرَّ بلحظة أفضل من لحظتنا الحالية للبدء في وضع هذه الأفكار موضع الممارسة والتنفيذ.
ترجمة: إبراهيم محمد علي Translated by: Ibrahim M. Ali