frankel158_ ANDREW CABALLERO-REYNOLDSAFP via Getty Images_bidenomics ANDREW CABALLERO-REYNOLDS/AFP via Getty Images

الديمقراطيون أفضل من غيرهم في تولي شئون الاقتصاد الأمريكي

كمبريدج- في ظل الرئيس جو بايدن، كان أداء الاقتصاد الأميركي أفضل بكثير مما توقعه معظم المراقبين. ومع ذلك، يبدو أن الناخبين لا يدركون هذا الأمر- وهي معضلة واضحة نوقشت كثيراً في الآونة الأخيرة.

والواقع أن هذا الانفصال بين التصور الشعبي والأداء الاقتصادي ليس بالأمر الجديد. فمنذ الحرب العالمية الثانية، دائما ما كان أداء الاقتصاد الأميركي يتحسن في ظل الإدارات الديمقراطية، ومع ذلك فإن نسبة كبيرة من الأميركيين- بل ربما حتى الأغلبية منهم- تعتقد أن الجمهوريين هم الأفضل من ناحية الإشراف الاقتصادي.

وللوهلة الأولى، قد يبدو الرأي القائل بأن أداء الاقتصاد دائما ما يكون أفضل في ظل حزب واحد وكأنه نوع من الادعاء الحزبي الذي يبعد كل البعد من أن يكون منطقيا، والذي لا يستحق أن يدقق فيه المرء. بيد أي شخص فعل ذلك- لقد جرى تجميع البيانات الإحصائية ذات الصلة من قبل، وشاركت في ذلك- سوف يَخلُص إلى أن ما قيل هو عين الصواب.

في الفترات الرئاسية التسع عشرة التي مضت منذ الحرب العالمية الثانيةـ من عهد هاري ترومان إلى عهد بايدن- بلغ متوسط خلق الوظائف 1.7 في المئة سنويا في ظل الإدارات الديمقراطية، مقارنة بنحو 1 في المئة في ظل الحزب الجمهوري. وكان الفارق في نمو الناتج المحلي الإجمالي أكبر: 4.23 في المئة في ظل رئاسة الديمقراطيين، مقابل 2.36 في المئة فقط في عهد الجمهوريين. وخلال أزمة الكساد الأعظم التي حدثت خلال ثلاثينيات القرن العشرين، في ظل إداراتي الجمهوري هربرت هوفر والديمقراطي فرانكلين روزفلت، فإن الفارق بينهما في معدلات النمو كان أكبر.

فهل يستطيع الرؤساء الديمقراطيون الاستفادة من إرث إدارة الجمهوريين الجيدة للاقتصاد؟ من غير المحتمل أن يحدث ذلك. وعندما يتعلق الأمر بمتوسط معدلات النمو، فإن النتائج متشابهة سواء أعزى المرء الأداء الاقتصادي خلال ربع الأول من ولاية الرئيس إليه أو إلى سلفه.

وحتى أولئك الذين يعتقدون أن الديمقراطيين ينتهجون سياسات اقتصادية أفضل من الجمهوريين، عموما، يجدون صعوبة في تفسير مثل هذا الفارق الكبير في الأداء. ففي نهاية المطاف، تؤثر العديد من العوامل القوية التي لا يمكن التنبؤ بها على الأداء الاقتصادي، وغالباً ما يكون تأثيرها أكبر بكثير من تأثير أي أدوات سياسية أخرى تخضع لسيطرة الرئيس.

Subscribe to PS Digital
PS_Digital_1333x1000_Intro-Offer1

Subscribe to PS Digital

Access every new PS commentary, our entire On Point suite of subscriber-exclusive content – including Longer Reads, Insider Interviews, Big Picture/Big Question, and Say More – and the full PS archive.

Subscribe Now

وفضلا على ذلك، يستغرق الأمر أكثر من أربع أو حتى ثماني سنوات قبل أن تتحقق آثار العديد من السياسات، سواء كانت إيجابية أو سلبية. فعلى سبيل المثال، يستحق جيمي كارتر أن يُنسب له الكثير من الفضل في تعيين بول فولكر رئيساً للاحتياطي الفيدرالي الأميركي في عام 1979، حيث فوضت له مهمة التصدي للتضخم. وساعد تراجع التضخم الذي أعقب ذلك في تمهيد الطريق للاعتدال العظيم على مدى عشرين سنة مضت بعد تعيينه. ولكن التأثير المباشر لنضال فولكر في مواجهة التضخم هو الركود. ويرى معظم الاقتصاديين أن الفوائد النهائية تبرر التكاليف الأولية. ولكن الانكماش أدى إلى هزيمة كارتر في الانتخابات الرئاسية عام 1980.

وفي كل الأحوال، كان هذا هو الركود الوحيد الذي شهدته الأعوام المائة الماضية، والذي بدأ مع وجود عضو ديمقراطي واحد في البيت الأبيض. وكان الاقتصاد الأمريكي في حالة ركود خلال ربع فقط من أصل 16 ربعاً من متوسط الفترة الرئاسية الديمقراطية، مقارنة بخمسة أرباع في عهد الجمهوريين.

وقد ينساق المرء إلى القول بأن هذه مسألة ارتباط وليست سببية: صحيح أن الأداء الاقتصادي الجيد استمر لفترات أطول في عهد الديمقراطيين مقارنة مع الجمهوريين، ولكن ذلك كان ضربة حظ. إن المنهجية الإحصائية المقبولة عالمياً تقول خلاف ذلك.

إن جميع حالات الركود الخمس الأخيرة حدثت في ظل رئيس جمهوري معين: رونالد ريغان، وجورج بوش الأب، وجورج دبليو بوش (مرتين)، ودونالد ترامب. (إذا راودتك الشكوك بخصوص هذا الأمر، فيمكنك التحقق من التسلسل الزمني بنفسك). وإذا كانت الاحتمالية الحقيقية لبداية الركود هي نفسها، سواء تولى رئاسة البيت الأبيض الديمقراطيون أو الجمهوريون، فإن احتمالات الحصول على هذه النتيجة عن طريق الصدفة سوف تكون ضئيلة جدًا: واحد من 32- (2/1)(2/1)(2/1)(2/1)(2/1)- أو 3.125 في المائة. وكأنك تحصل على "الرؤوس" عند رمي العملة خمس مرات متتالية. ويُقال أن هناك يقين بنسبة 95 في المئة بأن مثل هذه النتيجة لا يُحصل عليها بمحض الصدفة.

وماذا لو رجعنا أكثر إلى الوراء؟ لقد شهدت الولايات المتحدة 17 حالة ركود في القرن الماضي. بدأت 16 منها عندما كان عضو جمهوري واحد في البيت الأبيض. إن احتمالات ظهور هذه النتيجة عن طريق الصدفة هي واحد فقط من 10000 17/217 = 0.00013) (!

ثم هناك تأثير التحولات الحزبية على النموــ الذي تناوله الخبيران  الاقتصاديان، آلان بليندر، ومارك واتسون، من جامعة برينستون في عام 2015. فمنذ الحرب العالمية الثانية، تغير الحزب المسيطر على السلطة التنفيذية عشر مرات. وخلال جميع المرات الخمس التي خلف فيها جمهوري مرشحاً ديمقراطياً، انخفض معدل النمو من فترة ولاية إلى أخرى. وعلى العكس من ذلك، ارتفع معدل النمو في كل المرات الخمس التي خلف فيها ديمقراطي جمهوريا. وهذا محتمل تمامًا مثل الحصول على "الرؤوس" في عشر رميات متتالية للعملة المعدنية: واحدة من أصل 1024. لذا، فإن الفرق له دلالة إحصائية بنسبة 99.9 في المئة من اليقين.

إذن، فنحن نعلم أن أداء الاقتصاد كان أسوأ في عهد الرؤساء الجمهوريين، وأن هذا لم يكن بمحض صدفة. وما لا نعرفه حتى الآن هوالأسباب الحقيقية وراء كون الرؤساء الديمقراطيين أفضل في هذا الصدد. إن هذا الأمر لايزال لغزا كبيرا.

ترجمة: نعيمة أبرو ش     Translated by Naaima Abarouch

https://prosyn.org/DPi2XLNar