Stock broker nyc Hernan Seoane/Flickr

هل أسعار الأسهم مبالَغ في تقييمها؟

ميلانو ــ منذ اندلاع الأزمة الاقتصادية العالمية، ساهم التباعد الحاد في الأداء الاقتصادي في إحداث تقلبات كبيرة في أسواق الأسهم. والآن بلغت أسعار الأسهم مستويات مرتفعة نسبياً بالمقاييس التقليدية ــ وبدأ التوتر يتمكن من المستثمرين.

والسؤال هو ما إذا كان تقييم الأسهم موضوع مبالغة نسبة إلى الأرباح المحتملة في المستقبل. وتتوقف الإجابة على متغيرين أساسيين: معدل الخصم ونمو أرباح المستقبل. فمعدل الخصم المنخفض و/أو المعدل المرتفع المتوقع لنمو الأرباح من شأنه أن يبرر التقييم الأعلى للأسهم.

إن نسبة الأسعار إلى الأرباح وفقاً لمؤشر ستاندرد آند بورز للأشهر الاثني عشر التالية تقترب من 20، مقارنة بمتوسط 15.53 للأجل الطويل و14.57 للأجل المتوسط. وتبلغ نسبة الأسعار إلى الأرباح على مؤشر شيللر ــ استناداً إلى متوسط الأرباح الحقيقية (المعدلة تبعاً للتضخم) على مدى السنوات العشر الماضية ــ 27.08، بمتوسط 16.59 للأجل الطويل و15.96 للأجل المتوسط. وفي شهر فبراير/شباط، كانت نسبة الأسعار إلى الأرباح المقدمة لاثني عشر شهرا، والتي تستخدم توجيهات المديرين بشأن أرباح المستقبل، قد بلغت أعلى مستوى في أحد عشر عاماً بنحو 17.1، مع بلوغ متوسط الخمس سنوات ومتوسط العشر سنوات نحو 14 ومتوسط خمس عشرة سنة نحو 16.

ويعزى أداء سوق الأسهم في كثير من الأحيان مؤخراً إلى السياسات النقدية غير التقليدية التي انتهجتها العديد من البنوك المركزية. فقد خفضت هذه السياسات، بحكم تصميمها، العائد على السندات السيادية، فأرغمت المستثمرين على السعي إلى الحصول على الأرباح في أسواق الأصول الأعلى مخاطرة مثل الأسهم، والسندات المنخفضة التصنيف، والأوراق المالية الأجنبية.

وفقاً للصيغة الموحدة، فإن أسعار الأسهم تميل إلى الارتداد نحو القيمة الحالية للأرباح المتوقعة في المستقبل (بما في ذلك النمو في هذه الأرباح)، مخصومة بسعر ما يسمى "المعدل الخالي من المخاطر"، مضاف إليها علاوة مخاطر الأسهم. وعلى نحو أكثر تحديدا، فإن عائد الأرباح المقدمة ــ وهو نسبة الأسعار إلى الأرباح معكوسة ــ يساوي المعدل الخالي من المخاطر مضافة إليه علاوة مخاطر الأسهم، مع خصم معدل نمو الأرباح. (بطبيعة الحال، تأخذ الأسواق تحويلات على طول الطريق، بدافع من الوفرة الطائشة على سبيل المثال، والانحدارات المؤقتة في التأثير الذي يخلفه المستثمرون في القيمة، أو التجارة العكسية السيئة التوقيت).

وربما عززت السياسة النقدية أسعار الأسهم بطريقتين، إما بخفض معدل الخصم من خلال ضغط علاوة مخاطر الأسهم، أو ببساطة خفض المعدلات الخالية من المخاطر لمدة طويلة بالقدر الكافي لرفع القيمة الحالية للأسهم. وفي الحالتين، لابد أن تستقر أسعار الأسهم عند نقطة ما، على النحو الذي يسمح للأرباح باللحاق بالركب، أو حتى التصحيح نحو الانخفاض.

SPRING SALE: Save 40% on all new Digital or Digital Plus subscriptions
PS_Sales_Spring_1333x1000_V1

SPRING SALE: Save 40% on all new Digital or Digital Plus subscriptions

Subscribe now to gain greater access to Project Syndicate – including every commentary and our entire On Point suite of subscriber-exclusive content – starting at just $49.99.

Subscribe Now

ولكن قصة السياسة النقدية، برغم كونها معقولة، ليست متينة. فالواقع أن عوامل أخرى ربما تفسر ــ أو على الأقل تساهم في تفسير ــ اتجاهات أسواق الأسهم الحالية.

ومن بين العوامل الرئيسية هنا نمو الأرباح. فمن المعقول في الأمد البعيد أن نتوقع اتساق نمو الأرباح بشكل عام مع النمو الاقتصادي ــ ووفقاً للحال الآن، فإن التسارع ضئيل على هذه الجبهة. فالأرباح من الممكن أن تنمو بسرعة أكبر من العائدات لفترة طويلة (ولكن ليس إلى أجل غير مسمى)، إذا خفضت الشركات التكاليف أو خفضت استثماراتها ــ وهو الاتجاه الكفيل بمرور الوقت بخفض أعباء الإهلاك. ومن الناحية النظرية، من الممكن أن يخلف خفض ضريبة الشركات نفس الأثر.

وعلاوة على ذلك، من الممكن أن تتغير ظروف توازن الاقتصاد، بحيث تستولي الأرباح الكلية على حصة أكبر من الدخل الوطني. وهناك بعض الأدلة التي تشير إلى أن هذا هو ما يحدث الآن في الاقتصادات المتقدمة، مع تسبب انتشار التكنولوجيات الرقمية الموفرة للعمالة وعولمة سلاسل العرض في قمع نمو الدخل.

ورغم هذا فإن بعض الاتجاهات ربما تخلف التأثير العكسي على توقعات نمو الأرباح. ذلك أن أكثر من 40% من أرباح مؤشر ستاندرد آند بورز 500 تأتي من أسواق خارجية، وبعض هذه الأسواق، مثل أوروبا واليابان، لا تنمو إلا بالكاد، في حين تتباطأ أسواق أخرى مثل الصين.

كما أدى ارتفاع قيمة الدولار إلى تفاقم الوضع في أسواق الولايات المتحدة، لأنه يخلق رياحاً معاكسة للمصدرين ويدفع الأرباح الأجنبية للشركات، المسجلة بالدولار، إلى الانحدار. وربما يعمل التباطؤ في نمو الإنتاجية جنباً إلى جنب مع الاستدانة المفرطة ونقص الاستثمار المستمر في القطاع العام على تقويض النمو الاقتصادي المحتمل في الأمد المتوسط.

ورغم أن توقعات نمو الأرباح بشكل أسرع ربما تساهم في ارتفاع مستويات الأسعار إلى الأرباح، فإن الوضع الحالي معقد في أقل تقدير. والأمر المؤكد هو أن توقعات نمو الأرباح المرتفعة من شأنها أن تخلف تأثيراً إيجابياً أكثر دواماً على مستويات الأسعار إلى الأرباح مقارنة بقمع علاوة مخاطر الأسهم.

والعامل الآخر المهم الذي يؤثر على نسبة الأسعار إلى الأرباح هو المعدل الخالي من المخاطر. فمع تطبيع السياسة النقدية ــ وهي العملية التي بدأت بالفعل في الولايات المتحدة ــ من المتوقع أن يرتفع المعدل الخالي من المخاطر إلى مستوى يتفق مع معدل تضخم ثابت بنسبة 2%، والذي بدوره يتوافق مع مستوى من البطالة. ولكن يظل هذا المعدل غير مؤكد ــ وتحديده بالغ الصعوبة، نظراً لتأثره بكل جانب من جوانب أنماط النمو المتكشفة تقريبا.

ورغم هذا فإن العديد من سمات أنماط النمو الحالية تبرز بوضوح: القدرة الإنتاجية الفائضة، والاستدانة المفرطة المستمرة، وانحدار محتوى العمل في إنتاج السلع والخدمات، والتوزيع غير المتساوي بشكل متزايد للدخل سواء بين العمل ورأس المال أو عبر شرائح دخل العمل، مع تفاوت معدلات ادخر هذه الشرائح. ومعا، من الممكن أن تؤدي هذه الأنماط إلى فترة ممتدة حيث يعمل الطلب الكلي على الحد من النمو. ومع عدم تقييد النمو على جانب العرض، فسوف تكون الضغوط التضخمية ضئيلة، ومن الممكن أن يصبح سعر الفائدة المحايد الذي يتفق مع التشغيل الكامل للعمالة غير التضخمي أقل ببساطة مما كان عليه لفترة طويلة.

ولكن إلى أين يقودنا هذا؟ في اعتقادي أنه من الصعب أن نسوق حجة قوية لصالح زيادة كبيرة مضطردة في نمو الأرباح في هذه البيئة، وهذا يعني أن النمو وحده لا يبرر تقييمات الأسهم الحالية. ولكن حجة معدل الخصم المنخفض أكثر إقناعا، وتتفق مع الظروف الاقتصادية السائدة وصلاحيات البنوك المركزية.

ولكن من المتوقع في مثل هذه البيئة المعقدة أن يتوصل المستثمرون إلى استنتاجات شديدة التباين، وهو ما من شأنه أن يديم ــ إن لم يكن يزيد من ــ تقلبات السوق.

ترجمة: أمين علي          Translated by: Amin Ali

https://prosyn.org/kDDL6FMar