2d400d0346f86f6c10312a05_dr2103c.jpg Dean Rohrer

من ينبغي له أن يتولى قيادة صندوق النقد الدولي؟

بيركلي ـ يقول العديد من الناس إن صندوق النقد الدولي كان ناجحاً في التعامل مع الأزمة الأخيرة . ومنذ ثلاثة أعوام فقط كان العديد من المراقبين يرون أن صندوق النقد الدولي تجاوز مدة صلاحيته وأنه لابد وأن يغلق. ومنذ ذلك الحين تدخل الصندوق في المجر، ولاتفيا، وأيسلندا، وأوكرانيا، وغيرها من البلدان التي ضربتها الأزمة ـ كما حصل على كميات هائلة من الموارد الجديدة.

ونستطيع أن نعزو جزءاً من هذا التقدير العالي الذي يتمتع به صندوق النقد الدولي الآن إلى ما برهن عليه في الآونة الأخيرة من مرونة فكرية ـ وهي الفضيلة التي نادراً ما نجدها في جهاز بيروقراطي ضخم كهذا. فقد أعاد الصندوق النظر في معارضته التقليدية لفرض الضوابط على رأس المال. كما اقترح الصندوق أن البنوك المركزية ربما تكون راغبة في التفكير في مستويات تضخم مستهدفة أعلى من أجل تجنب الوصول إلى الصفر في حالة الصدمات الانكماشية. ولهذا السبب انهال التوبيخ على صندوق النقد الدولي من جانب البنك المركزي الألماني ـ وهو ما يشير بوضوح إلى أن الصندوق على صواب.

كما عمل صندوق النقد الدولي على توفير خط ائتماني مرن للتعجيل بتوزيع الأموال ـ ومن دون شروط مرهقة ـ على البلدان التي تعاني من أحوال مالية بالغة السوء من دون ذنب اقترفته. والمشكلة هي أنه على الرغم من الاسم الجذاب فإن المرفق الجديد لم يجتذب إلا القليل من العملاء، ولم يكن أي من هؤلاء العملاء من آسيا.

وإنه لمن المفيد أن نتذكر أن كوريا الجنوبية اقترضت من بنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي وليس من صندوق   النقد الدولي حين كانت في حاجة ماسة إلى الدولارات في أعقاب انهيار ليمان براذرز. فبعد تجربة 1997-1998، بات صناع القرار السياسي الكوريون يفضلون الموت على الاقتراض من صندوق النقد الدولي، ولو من دون شروط.

ولكن رغم أن الأمور لم تكن ورديه كلها فقد أحرز الصندوق تقدماً ملموساً. ولهذا السبب فإن الإدارة القوية المحنكة سياسياً التي يتمتع بها الصندوق ـ وهو ما لم يستفد منه الصندوق في الأعوام الأخيرة ـ تستحق الثناء.

ورغم ذلك فإن الشائعات تحتدم الآن حول اعتزام المدير الإداري للصندوق دومينيك شتراوس كان ترك منصبه حتى يتسنى له ترشيح نفسه أمام نيكولا ساركوزي في الانتخابات الرئاسية الفرنسية في عام 2012. والواقع أن شعبية ساركوزي بلغت الآن مستويات دنيا جديدة، في حين يقول أصدقاء شتراوس كان إنه لم يخف طموحاته السياسية قط.

PS Events: Climate Week NYC 2024
image (24)

PS Events: Climate Week NYC 2024

Project Syndicate is returning to Climate Week NYC with an even more expansive program. Join us live on September 22 as we welcome speakers from around the world at our studio in Manhattan to address critical dimensions of the climate debate.

Register Now

إن احتمالات رحيل المدير الإداري لصندوق النقد الدولي من شأنها أن تعرقل مسيرة الصندوق. ولقد نشأ بالفعل شعور بأن الصندوق عازف عن توجيه أوروبا بصورة أكثر قوة فيما يتصل بكيفية التعامل مع مشكلة اليونان وذلك لأن المدير الإداري لابد وأن يكون حريصاً على تجنب التدخل في السياسة الداخلية الأوروبية.

وفوق كل هذا يأتي الآن النبأ المثير للاهتمام حول تعيين تشو مين ، الذي كان يشغل منصب نائب محافظ بنك الصين الشعبي سابقاً، مستشاراً خاصاً لشتراوس كان، وبهذا يصبح جزءاً من فريق الإدارة الأساسي.

ولقد أدى هذا بدوره إلى تغذية التكهنات بأن تشو سوف يكون مرشحاً لشغل منصب المدير الإداري للصندوق. لقد آن الأوان كي يتولى شخص من خارج أوروبا رئاسة صندوق النقد الدولي ـ كانت أوروبا تحتكر المنصب منذ إنشاء الصندوق في أعقاب الحرب العالمية الثانية. وكانت الصفقة آنذاك تتلخص في حصول الولايات المتحدة على حق اختيار رئيس البنك الدولي في حين تختار أوروبا رئيس صندوق النقد الدولي (كان صناع القرار السياسي في الولايات المتحدة يعتقدون أن البنك الدولي سوف يصبح المؤسسة الأكثر أهمية).

بيد أن عالم اليوم يتسم بقدر أعظم من التعددية القطبية. فلم يعد العالم خاضعاً لهيمنة الاقتصاد على ضفتي الأطلسي، وعلى هذا فمن غير المنطقي أن تستمر هذه القوى الاقتصادية في اتخاذ القرار بشأن من ينبغي لهم أن يشغلوا المناصب العليا في المؤسستين اللتين تأسستا بموجب قرارات مؤتمر بريتون وودز. والآن حان دور منطقة أخرى لاختيار شاغلي هذين المنصبين.

وتشكل آسيا الخيار الواضح هنا، فهي موطن الأسواق الناشئة الأكثر ديناميكية. وهي المنطقة التي يتحول نحوها مركز ثقل الاقتصاد العالمي. وإذا سألت زعماء آسيا ما الذي قد يدفعهم الآن إلى التفكير في التعامل مع صندوق النقد الدولي بعد تجربتهم المؤلمة مع "مساعدات" الصندوق أثناء الفترة 1997-1998، فسوف يجيبونك قائلين: "وجود مدير إداري آسيوي على رأس الصندوق".

الواقع أن هذا هو على وجه التحديد الأسلوب الخطأ في التفكير في المشكلة. فالمشكلة التي عاني منها صندوق النقد الدولي في الماضي كانت تتلخص في ضيق الأفق والافتقار إلى المساءلة. والوسيلة الأفضل لضمان بقاء الصندوق منفتحاً على الأفكار الجديدة تتلخص في اختيار شخص لديه أفضل الأفكار فيما يتصل بقيادة الصندوق. والوسيلة الأفضل لضمان خضوع إدارة الصندوق للمساءلة من جانب كافة المساهمين من الجهات الحكومية المختلفة تتلخص في منع المنصب الأعلى في الصندوق من التحول إلى وظيفة عاطلة سواء شغله شخص من أوروبا أو من آسيا.

وينبغي أن يتم اختيار المدير الإداري استناداً إلى الجدارة وليس على أساس جنسيته. ولابد وأن تكون المنافسة مفتوحة، حيث يكون الفوز للمرشح الأفضل.

والواقع أن آسيا لديها وفرة من المسؤولين الاقتصاديين الأكفاء الصالحين للترشح لشغل منصب الرئيس المقبل لصندوق النقد الدولي. ولكن مجرد كون هؤلاء المرشحين آسيويين لا يكفي كسبب وجيه للاختيار من بينهم.

https://prosyn.org/tBLFOljar